وفي شرح الشيخ «أبي زكريا النواوي» لصحيح مسلم قال: «إن يأجوج ومأجوج خلقوا من نطفة آدم حين احتلم، فاختلطوا بتراب الأرض، فخلقوا من ذلك.»
وعقب «ابن كثير» على ذلك الحديث بقوله: إنه «لا دليل عليه، بل هو مخالف لما ذكر من أن جميع الناس اليوم من ذرية نوح بنص القرآن.» ثم يعترض على الذين ذكروا في أطوالهم أمورا متباينة فيقول: «وهكذا من زعموا أنهم على أشكال وأطوال متباينة جدا، فمنهم من هو كالنخلة السحوق، ومنهم من هو في غاية القصر.» وكان اعتراض «ابن كثير» مؤسسا على دليل نقلي، حيث: «قال النبي
صلى الله عليه وسلم : إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن، وهذا فيصل في هذا الباب.»
78
يعني أنهم أقصر من آدم بكثير.
ووصل زحف يأجوج ومأجوج إلى حدود الذين لا يكادون يفقهون قولا، فقالوا لذي القرنين: «فاجعل بيننا وبينهم سدا قال: آتوني زبر الحديد»، ودلهم على جبل الحديد والنحاس، وأعطاهم لقطعه السامور «عند الجزائري» أو الساهور «عند الثعلبي»، الذي إذا وضع على شيء أذابه، وبه قطع سليمان صخور بيت المقدس ثم صهروا الحديد والنحاس وردموا بين الجبلين، وبنى سدا عرضه ميل وطوله ثلاثة.
79
وبذلك احتمى الذين لا يكادون يفقهون قولا وراء السد أو السور العظيم، وسيظل الأمر كذلك حتى يوم القيامة، يحاول يأجوج ومأجوج كل يوم هدم السد والخروج من ورائه إلى الأمم، ويفشلون، إلى أن ينهار السد ويخرجوا منه، ولا يوقفهم عن اجتياح الدنيا والتهام البشر من أمريكا حتى الصين سوى الله عز وجل، وأن يوم خروجهم من علامات الساعة وأشراطها.
ويحدد «الطبرسي» مكان هذا السد بكل دقة، فيقول: «إنه وراء در بندر وخزر من ناحية أمرينية وأذربيجان»! أما «النيسابوري» فلا يفوته الإدلاء بالقول الأدق مع تحديد المسافة بعناية، فيقول: إن موضع السد وراء زخرد بقرب مشرق الأرض، بينه وبين الخزر مسيرة اثنين وسبعين يوما، وإمعانا في التدقيق يضيف: «وإن مطلع الشمس قريب جدا هناك، إلى حد أن الناس هناك يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس مباشرة، فينضج.»
الجذور
ناپیژندل شوی مخ