191

اوستوره او ميراث

الأسطورة والتراث

ژانرونه

73

وإذا كانت رحلة «ذي القرنين» الأولى إلى مغرب الشمس، سعيا وراء هداية الخلق الذين يسكنون دون المدينة مما يلي المغرب مباشرة أي جابلقا؛ لعبادة الله الواحد القهار، فإن رحلته الثانية - كما هو واضح لدى إخباريينا - كانت تستهدف غاية أخرى، ورغبة طالما راودت بني الإنسان هي الحصول على الحياة الدائمة الخالدة، وهو ما جاء في ذكر «السهيلي» عن «ذي القرنين» «وهو صاحب الخضر حيث طلب ماء الحياة، فوجدها الخضر ولم يجدها ذو القرنين.»

74

وقد ذكر «ابن كثير» «عن جعفر الباقر عن أبيه زين العابدين خبرا مطولا جدا، فيه أن ذا القرنين كان له صاحب من الملائكة يقال له رنقائيل، فسأله ذو القرنين: هل تعلم في الأرض عينا يقال لها عين الحياة، فذكر له صفة مكانها، فذهب ذو القرنين في طلبها، وجعل الخضر على مقدمته، فانتهى الخضر إليها في واد في أرض الظلمات، فشرب منها، ولم يهتد ذو القرنين إليها.»

75

ويفصل «الثعلبي» و«الجزائري» فيما موجزه، أنه كان لذي القرنين خليل من الملائكة يدعى «رفائيل» (واضح هنا اختلاط الاسم لقراءة الكتابة غير المنقوطة في الاسمين: رنقائيل، ورفائيل) ينزل إليه من السماء يسليه بالحديث ويناجيه، وقال له يوما: يا ذا القرنين إن لله في هذه الأرض عينا تدعى عين الحياة، من شرب منها لا يموت حتى يطلب الموت، ولما علم «ذو القرنين» أن هذه العين تقع بالظلمات الواقعة خلف مطلع الشمس (طبيعي عندهما أن يكون وجه الشمس هو المضيء، وأن يكون لها وراء، وطبيعي أيضا أن يكون قفاها مظلما)، جمع جيوشه يخوض البحار ويقطع الجبال اثنتي عشرة سنة، حتى وصل إلى بداية أو طرف الظلمة، وهناك انتخب لقيادة الجيش شخصية تراثية شهيرة أخرى هي «الخضر»، المعروف بالحي الغائب، وخاض بهم فيما وراء الشمس، في الظلمة، وهناك دعا ثلاثمائة وستين من رجاله بينهم «الخضر»، ودفع إلى كل منهم سمكة، وقال لهم: اذهبوا في الظلمة فهناك ثلاثمائة وستون عينا، وليغسل كل منكم سمكته في عين منها، فذهبوا، لكن سمكة «الخضر» انزلقت منه، فسبح وراءها وعب من الماء، ولما عاد أعلم «ذا القرنين» بما حدث فقال له: كنت أنت صاحب عين الحياة، وهذا هو السبب أن «الخضر» حتى اليوم حي، لكنه غائب لأنه شرب من عين الحياة الخالدة، ولم يصلها «ذو القرنين» ليشرب، ومات صغيرا (وربما حسيرا).

أما أين تقع هذه العين العجيبة جغرافيا، فهذا ما نجده عند «الثعلبي» في باب يسميه «باب دخول ذي القرنين الظلمات مما يلي القطب الشمالي لطلب عين الحياة»، وجميل أن يحيط الثعلبي علما بظلمة القطب، وربما أبهرنا! لكنه سرعان ما يعود إلى موقعه بين زملائه الكرام من الإخباريين سالما، عندما يردف قائلا: «إن عالما من علمائنا وجد عين الحياة الخالدة، في الأرض التي على قرن الشمس.»

76

ونفهم من الآيات الكريمة (الكهف: 89-98) وما لحقها من تفاسير وشروح، أن «ذا القرنين» في رحلته المشرقية إلى مطلع الشمس، أو إلى ما وراء الشمس، قد صادف غرائب وعجائب ومغامرات عظيمة، نظيرها في ملاحم المغامرات فريد، فقد مر على قوم «لا يكادون يفقهون قولا»، استغاثوا به ليحميهم من زحف قوم آخرين على بلادهم هم قوم يأجوج ومأجوج، ويصف تراثنا يأجوج ومأجوج بأنهم قصار القامة أو طوالها جدا، حفاة عراة، لهم وبر كالإبل، لكل منهم أذنان يفترش إحداهما ويلتحف بالأخرى لهم مخالب وأضراس وأنياب كالسباع، إذا جاعوا ساحوا في البلاد كالآفات والجراد، يأتون على كل شيء، ينجب الواحد منهم ألفا.

77

ناپیژندل شوی مخ