الذي يرى الأسطورة قصة رمزية تعبر عن فلسفة كاملة لعصرها؛ لذلك يجب دراسة العصور نفسها لفك رموز الأسطورة.
المنهج العقلي:
الذي يذهب إلى نشوء الأسطورة نتيجة سوء فهم أو خطأ ارتكبته مجموعة أفراد في تفسيرها أو قراءتها أو سردها لرواية أو حادثة أقدم.
منهج التحليل النفسي:
الذي يحتسب الأسطورة رموزا لرغبات غريزية وانفعالات نفسية.
ويبقى أن يسألنا القارئ عن منهجنا في ضوء خصوصية همومنا وخصوصية تاريخنا. إن المشكلة الحقيقية التي تواجهنا بعيدا عن خصوصيتنا، والتي تواجه أي باحث في الأساطير، هي أن علم الميثولوجيا حتى الآن لم يصل إلى مرحلة النضج التي تؤهل مدارسه المتنافرة المتعارضة للاندماج، هذا ناهيك عن كوننا نبدأ من طبيعة الداء والإشكالية، وليس لمجرد اللذة البحثية، حتى نتمكن من الوصول إلى أفضل دواء ممكن، ولا يمكننا أن نعطي الدواء نفسه لعلاج كل الأمراض. والمشكلات العلمية ناتجة إما عن مرض في الموضوع أو مرض في الباحث أو مرض في الطبيعة الإبستمية للموضوع، ويبدو أننا نجمع كل ذلك في إشكالياتنا مع تراثنا، ومن هنا لا بد من أن نضع نصب أعيننا وفي المقام الأول علاقة الأسطورة بالدين وبفلسفة الحياة عموما، وبأحوال الإنتاج وبنى المجتمع وتغيراته.
وعليه فإننا نقرر من البداية أننا سنعمد إلى المنهج الذي يؤدي إلى نتائج تبدو صحيحة، دون الرجوع للمدرسة، بمعنى أننا على استعداد للسير قسما من الطريق مع أي من هذه المدارس، لكننا لسنا على استعداد للسير مع أي منها الطريق كله.
وسنبدو معنيين في تراثنا بمشكلات وقضايا محددة، تتبعنا تطورها التاريخي، وأهميتها في مجتمعها وعصرها وبيئتها، مع إبراز موقعها في الصراع الفكري ومدى تعبيرها عن خصوصية عصرها وشعبها، مع ربطها ربطا لا يستفز أحدا بهموم الحاضر ومشاكل الآن؛ ومن ثم التزمنا الأكاديمية البحثية وصرامتها ودقتها، وأخذنا أنفسنا بالشدة في البحث والتنقيب والتقصي، مع الابتعاد عن صعوبة الاصطلاح وثقل المفاهيم، انطلاقا من همنا ومطامحنا العليا في التحرر الوطني والقومي والاجتماعي. وربما طمحنا إلى المساهمة مع أساتذتنا من الباحثين في فتح باب حان ولوجه، لدرس التراث القديم بمنهج علمي يمكنه أن يقدم للجماهير ولحركة التحرر العربية سلاحا فكريا في المعركة الفكرية الدائرة الآن.
وعليه فإننا نزعم في تلك المجموعة من البحوث التي تمت كتابتها متقطعة خلال عشر سنوات انصرمت، وتتفاوت في درجة إتقانها واقترابها أو بعدها من الأهداف المرصودة، أننا قد تمكنا من الوصول إلى كشوف لها من الخصوصية ما يجعلنا نغامر عندما نزعم أننا غير مسبوقين إليها، وإن كان ذلك لا ينفي أننا قد ارتكبنا خطأ هنا، وهفوة هناك، وزلة صغيرة أو كبيرة بينهما، لكن ما يعزينا أن مثل تلك السقطات والهنات تعود إلى اتساع رقعة المساحة المكانية والزمانية في السعي وراء الإشكاليات المختارة؛ لأنها فعلا من أشد الإشكاليات تعقيدا، وهو ما تنوء به قدرة باحث فرد، ومن هنا سنكون ممتنين لقارئ مهتم، يهتم بإعلامنا بموطن الزلل أينما وجده، حتى يمكننا أن نتلافاه، وأن نصلح من شأن ما يمكن تقديمه مستقبلا، ويكون لصاحب الإعلام فضل لن ننكره عليه.
قراءة سريعة في موضوع الإله النقيض
ناپیژندل شوی مخ