فامتثل إيليا أمر عمر، وخرج لينتظره خارج الخيمة.
ولكن كان خارج الخيمة شخصان ينتظران إيليا أيضا، وهما أستير وأبوها.
فلما وقع نظر إيليا على أستير من بعيد سرت في جسمه كهربائيته القديمة. فتضعضعت حواسه، واتقدت النار في صدره ودماغه.
فتقدم أبوها مسرعا إلى الشاب، وسلم عليه ببشاشة. فرد إيليا سلامه بعبوسة؛ لأنه لم ينس أنه كان جاسوسا وخدعه، وفي هذا الحين سمع أبو أستير صياحا، فعلم أنه صوت زوجته العجوز المقعدة، وكانت تتألم من مرضها فأسرع إليها. فبقيت أستير مع إيليا وجها لوجه.
فتقدمت أستير حينئذ نحو إيليا ببطء مترددة، ولما صارت قريبة منه مدت إليه يدها، وقالت: هل يسمح لي كيريه إيليا أن أصافحه كما يتصافح العرب؟
فرام إيليا الجواب، ولكنه لم يقدر؛ لشدة تأثره خصوصا لما رآه على وجه أستير من آثار الضعف والاصفرار والاعتلال، ولكنه جمع قواه بعد ذلك، وصاح: ما بك يا سيدتي؟ فابتسمت أستير ابتسامة يسميها كتاب الإفرنج «صفراوية» وقالت بين شفتيها بصوت منخفض «يسألني ما بي، كأنه لا يعلم ما بي» ثم أجابت إيليا: «طرأ اعتلال على صحتي يا كيريه إيليا، وأنت كيف أنت، إنني أراك في صحة وعافية، فيظهر أن هواء المدينة وافق مزاجك».
وقد قالت أستير هذا القول متهكمة؛ لأنها كانت ترى نحول إيليا واصفرار وجهه. فابتسم إيليا لهذا التهكم من أستير، وأجاب: «أشفقي علي أيتها السيدة؛ لأنني أشد اعتلالا منك».
فسكتت أستير وأطرقت، وبعد حين قالت بغتة: «يا كيريه إيليا، لماذا ذهبت دون أن تودعنا؟»
فسكت إيليا.
فقالت أستير: «كيف طاوعتك نفسك يا إيليا على تركي وحدي بين هؤلاء الأقوام بعد ذهابك من المزرعة في طلبي؟ وماذا طرأ عليك فغير عواطفك هذا التغيير؟»
ناپیژندل شوی مخ