فلما سمعت أستير صوت حركة الباب رفعت رأسها عن وسادتها، والتفتت نحوه بعينين ثائرتين منتفختين.
وكانت العجوز أمها بجانبها، فلما رأتها تنتبه إلى صوت الباب وتنظر بعينين واعيتين عرتها الدهشة إذ كانت هذه أول مرة انتبهت فيها أستير هذا الانتباه.
وقد دخل إيليا إلى الغرفة وحده، وبقي الشيخ وأرميا وتيوفانا خارجا.
فلما وقع نظر إيليا على أستير ابتسم لها ابتسامة كابتسامته القديمة، وتقدم نحو فراشها.
أما أستير فإنها ألوت رأسها الأصفر النحيف، وعادت إلى وسادتها وهي تتلفظ بين شفتيها بكلام لم يسمعه أحد.
فدنا إيليا منها والابتسام لا يزال في شفتيه. ثم أخذ يدها ليجس نبضها.
فلما التقت يده بيدها ارتعشتا معا كما يرتعش سلكان كهربائيان مختلفان حين التقائهما.
وكانت أستير حينئذ بلون الأموات نحيلة كالخيال ضعيفة القوى كالطفل، وكانت تغض من طرفها، وتحاول ستر وجهها من إيليا بيدها. فأثر ذلك في نفس إيليا تأثيرا بلل عينيه بالدمع. فقال لها: كيف حال السيدة أستير، وهل ذهب ألمها؟
فأجابت أستير برزانة وجد وصوتها في منتهى الضعف: نعم، قد ذهب كل شيء.
ففهم إيليا معنى كلامها فابتسم إخفاء لتألمه، وقال: فلماذا تبكين إذا كان الألم قد ذهب؟
ناپیژندل شوی مخ