77

كشف شبهات الصوفية

كشف شبهات الصوفية

خپرندوی

مكتبة دار العلوم

د خپرونکي ځای

البحيرة (مصر)

ژانرونه

أبي سفيان والضحاك ابن قيس بيزيد بن الأسود الجرشي، وفيهما بيان دعائه بصراحة وجلاء. فهل يجوز أن يُجمِع هؤلاء كلهم على ترك التوسل بذاته ﵌ لو كان جائزًا، سيّما والمخالفون يزعمون أنه أفضل من التوسل بدعاء العباس وغيره؟! اللهم إن ذلك غير جائز ولا معقول، بل إن هذا الإجماع منهم من أكبر الأدلة على أن التوسل المذكور غير مشروع عندهم، فإنهم أسمى من أن يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير. الشبهة الخامسة: حديث الضرير: أخرج الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف أن رجلًا ضرير البصر أتى النبي ﵌، فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: «إن شئتَ دعوتُ لك، وإن شئتَ أخّرتُ ذاك، فهو خير»، (وفي رواية: «وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك»)، فقال: ادْعهُ. فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللهم فشفّعْه فيَّ، وشفّعني فيه. قال: ففعل الرجل فبرأ». يرى الصوفية: أن هذا الحديث يدل على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي ﵌ أو غيره من الصالحين، إذ فيه أن النبي ﵌ علم الأعمى أن يتوسل به في دعائه، وقد فعل الأعمى ذلك فعاد بصيرًا. وهذا الحديث لا حجة لهم فيه على التوسل المختلَف فيه، وهو التوسل بالذات، بل هو دليل آخر على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع؛ لأن توسل الأعمى إنما كان بدعائه. والأدلة على ما نقول من الحديث نفسه كثيرة، وأهمها: أولًا: أن الأعمى إنما جاء إلى النبي ﵌ ليدعو له، وذلك قوله: (ادعُ الله أن يعافيني) فهو توسل إلى الله تعالى بدعائه ﵌، لأنه يعلم أن دعاءه ﵌ أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره، ولو كان قصد الأعمى التوسل بذات النبي ﵌ أو جاهه أو حقه لما كان ثمة حاجة به إلى أن يأتي النبي ﵌، ويطلب منه الدعاء له، بل كان يقعد في بيته، ويدعو ربه بأن يقول مثلًا: «اللهم إني أسألك بجاه نبيك ومنزلته عندك أن يشفيني،

1 / 86