كشف شبهات الصوفية
كشف شبهات الصوفية
خپرندوی
مكتبة دار العلوم
د خپرونکي ځای
البحيرة (مصر)
ژانرونه
فأما الحديث الذي خَّرجه مسلمٌ وغيره، عن البراء بن عازبٍ، قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله ﵌ أحببنا أن نكون عن يمينه؛ ليقبل علينا بوجهه. قال: فسمعته يقول: «رب قني عذابك يوم تبعث عبادك».
فهذا ليس فيه أنه كان يجهر بذلك حتى يسمعه الناس، إنما فيه أنه كان يقوله بينه وبين نفسه، وكان يسمعه منه - أحيانا - جليسه، كما كان يسمع منه من خلفه الآية أحيانًا في صلاة النهار» اهـ كلام الحافظ ابن رجب (بتصرف).
فلعل هذا كان من أجل التعليم، وهو قول الإمام الشافعي ﵀، ووافقه عليه كثير من الأئمة. قال الإمام الشافعي ﵀ في (الأم١/ ١٥٧): «وأحسبه إنما جهر قليلًا ليتعلم الناس منه ذلك؛ لأن عامة الروايات التى كتبناها مع هذا وغيرها ليس يذكر فيها بعد التسليم تهليل ولا تكبير. وقد يذكر أنه ذكر بعد الصلاة بما وصفت ويذكر انصرافه بلا ذكر، وذكرت أم سلمة مكثه ولم يذكر جهرًا وأحسبه لم يمكث إلا ليذكر ذكرًا غير جهر.
فإن قال قائل: ومثل ماذا؟ قلت: مثل أنه صلى على المنبر يكون قيامه وركوعه عليه وتقهقر حتى يسجد على الارض وأكثر عمره لم يصل عليه، ولكنه فيما أرى أحَب أن يعلم من لم يكن يراه ممن بَعُد عنه كيف القيام والركوع والرفع يعلمهم أن في ذلك كله سعة» اهـ كلام الإمام الشافعي.
ومما قد يؤيد أن فعله ﵌ لم يكن دائمًا، أنه لم يكن يجلس ﵌ إلا قليلًا.
قال الإمام الشاطبي ﵀: «إن الدعاء بهيئة الاجتماع دائمًا لم يكن مِن فعل رسول الله ﵌، كما لم يكن قوله ولا إقراره. وروى البخاري من حديث أم سلمة أنه ﵌ كان يمكث إذا سلَّم يسيرًا. قال ابن شهاب: حتى ينصرف النساء فيما نرى. وفي مسلم: عن عائشة ﵂: كان إذا سلَّم لم يقعد إلا بمقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» (الاعتصام ١/ ٣٥).
* ومما قد يستدل به على رد القول بالجهر بالذكر في الصلاة: أن الشرع نهانا عن أن يجهر بعضنا على بعض لئلا يحصل تشويش على المصلي أو القارىء، ولا يخلو مسجد - الآن - ممن يتأخر عن الصلاة، وفي الجهر بالذكر: تشويش عليهم.
1 / 152