105

كشف شبهات الصوفية

كشف شبهات الصوفية

خپرندوی

مكتبة دار العلوم

د خپرونکي ځای

البحيرة (مصر)

ژانرونه

العهد الذي جعلت لنا أن ترد إلينا كل من جاءك مسلمًا. فدفعه النبي ﵌ إلى الرجلين، فخرجا حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا جيد يا فلان! فاستله الآخر، وقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت، فقال له أبو بصير: «أرني أنظر إليه»، فأمكنه منه، فضربه به حتى برد، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد بعده، فقال له النبي ﵌ حين رآه: لقد رأى هذا ذعرًا، فلما انتهى إلى النبي ﵌ قال: قتل والله صاحبي، وإني لمقتول. فجاء أبو بصير، فقال: يا رسول الله، قد والله وفَّى الله ذمتك، قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم، فقال النبي ﵌: «ويل أمه مسعر حرب، لو كان معه أحد»، فلما سمع ذلك علم أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وانفلت منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بأبي بصير ... وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر في أبي بصير بأتم ألفاظًا وأكمل سياقا قال: ... وكتب رسول الله ﵌ إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدُما عليه ومن معهما من المسلمين، فقدم كتاب رسول الله ﵌ على أبي جندل، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله ﵌ بيده يقرؤه، فدفنه أبو جندل مكانه، وصلى عليه، وبنى على قبر مسجدًا». قال الألباني: هذه القصة مدارها على الزهري فهي مرسلة على اعتبار أنه تابعي صغير، سمع من أنس بن مالك ﵁، وإلا فهي معضلة. وكيف ما كان الأمر فلا تقوم بها حجة، على أن موضع الشاهد منها وهو قوله: «وبنى على قبره مسجدًا» لا يظهر من سياق ابن عبد البر للقصة أنه من مرسل الزهري، ولا من رواية عبد الرزاق عن معمر عنه، بل هو من رواية موسى بن عقبة، كما صرح به ابن عبد البر، لم يجاوزه، وابن عقبة لم يسمع أحدًا من الصحابة، فهذه الزيادة - أعني قوله «وبنى على قبره مسجدًا» - معضلة، بل هي عندي منكرة؛ لأن القصة رواها البخاري في (صحيحة) وأحمد في (مسنده) موصولة من طريق عبد الرزاق عن معمر قال

1 / 122