145

مور قری

أم القرى

خپرندوی

دار الرائد العربي

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٠٢هـ - ١٩٨٢م

د خپرونکي ځای

لبنان/ بيروت

وَلَوْلَا قُوَّة أساسه الْبَالِغَة فَوق مَا يتصوره الْعقل لما ثَبت الدّين إِلَى الْآن. أما الْفِتْنَة الأولى: فقد قدرهَا الله مَضَت على وَجههَا، وَهِي حِين تشاجروا فِي الْخلَافَة وَالْملك، وانقسموا على أنفسهم بأسهم بَينهم، يقتل بَعضهم بَعْضًا، وَتَفَرَّقُوا فِي الدّين لتفرقهم فِي السياسة. وَأما الْفِتْنَة الثَّانِيَة فَلم تزل مستمرة، وَهِي أَن الْخُلَفَاء العباسيين مالوا إِلَى تعميق النّظر فِي العقائد فخدمهم من خدمهم من عُلَمَاء الإعجام تقربًا إِلَيْهِم فِي علم الْكَلَام، وَأَكْثرُوا من القيل والقال. ثمَّ سرت الْعَدْوى إِلَى المناظرة فِي الْفِقْه وَبَيَان الأولى من الْمذَاهب، فاقبلوا على التدقيق والجدل فِي الخلافات بَين أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ. وأثاروا بَينهمَا فتْنَة عمياء وحربا صماء، وَتركُوا بَقِيَّة الْمذَاهب فاندرست، وَلم يبْق مِنْهَا سوى مَذْهَب زيد وَاحْمَدْ فِي جَزِيرَة الْعَرَب، وَمذهب مَالك فِي الغرب وَمذهب جَعْفَر فِي بِلَاد الخزر وَفَارِس. فاكثروا التَّأْلِيف والتصنيف فِي هَذِه الْمذَاهب، كل مؤلف يحب أَن يُبْدِي مَا عِنْده ليشتهر فَضله وينال حَظه من دُنْيَاهُ، زاعما أَن غَرَضه استنباط دقائق الشَّرْع وَتَقْرِير علل الْمذَاهب. فتزاحموا وتجادلوا وناقض بَعضهم بَعْضًا، وَكَانَ من الْعلمَاء بعض الصلحاء المغفلين شاركوهم فِي الْفِتْنَة وهم

1 / 147