Umayyad Mosque in Damascus

علي الطنطاوي d. 1420 AH
59

Umayyad Mosque in Damascus

الجامع الأموي في دمشق

خپرندوی

مطبعة الحكومة

د خپرونکي ځای

دمشق

ژانرونه

مستودعًا للوازم الجامع، ففُرّغ ودُفّف وفُرش وفُتح بابه القبلي، فصار المشهدان (القائمان على طرفي باب البريد) معدّيَّن للصلاة، وكان المشهد الشرقي قد احترق كله، ومشهد الحسين قد احترق بعضه، فبذل الناس لإصلاحهما، فجُدّدا وأُعدّا للصلاة قبل حلول شهر رمضان. ثم انصرف الناس إلى تنظيف الجامع، وكان من الأنقاض المتراكمة كأنه تل عظيم، وتناوبوا على تنظيفه، يشتغل أهل كل محلة يومًا، يجيئون جميعهم كهولهم وشبابهم، أغنياؤهم وفقراؤهم، يعملون بأيديهم إيمانًا واحتسابًا، ينقلون التراب والحجارة، ويتسابق الأغنياء إلى إطعامهم، فيتكفل أغنياء الحي بإعداد الطعام للعاملين، فيتغذون في المسجد، فكان ذلك مظهرًا رائعًا للأخوّة والبذل، وغدا الناس كأنهم أسرة واحدة، يعملون جميعًا في بيت الله، وينزلون ضيوفًا عليه، حتى إذا نُظّف المسجد من الأنقاض، أُلّفت في كل حي لجنة لجمع المال لعمارة المسجد، وهبّت دمشق إحدى هباتها المؤمنة العجيبة، وتزاحم الناس على البذل، فمنهم من خرج عن ماله كله، منهم من أعطى نصف ماله، وكلّ ساعد بعقله وبفنّه وبصناعته، والفقير عمل مجانًا بيده، وأنتم تذكرون ما صنعت دمشق في أسبوع التسلح القريب، فكبِّروا ذلك عشر مرات تروا ما صنعت دمشق لبناء الجامع. وكان الكشف وقدِّرت نفقات البناء بسبعين ألف ليرة ذهبية، وإذا نظرنا إلى القوة الشرائية لكل ليرة وجعلنا الخبز مقياسًا وحسبنا سعره يومئذ وسعره اليوم، رأينا المبلغ يعادل عشرين مليون ليرة من نقد هذه الأيام. ونظروا فإذا الأعمدة التي كان يقوم عليها سقف الحرم قد تكسّرت، وفكّروا في أعمدة جديدة، واختلف الرأي فيها، من أين يُؤتى بها وكيف تُنقل، ثم أخذوا برأي السيد عبد الله الحموي، فقرروا أن تُقطع الأعمدة من جبال المزّة، ولكن يكف يؤتى بها؟.

1 / 86