[61_2]
الجميع، وإراعتك سمعك ذا الحديث بدعة هادئة، ووقار حسن، وحضور فهم مجتمع، وقلة تضجر بالمحدث، ثم لا يبرح وجهك إلى بعض حرسك وقوادك متوجها بنظر ركين، وتفقد محض، وإن وجه إليك أحد منهم نظره محدقا، أو رماك ببصره ملحا، فاخفض عنه إطراقا جميلا باتداع وسكون، وإياك والتسرع في الإطراق، والخفة في تصريف النظر، والإلحاح على من قصد إليك في مخاطبته إياك رامقا بنظره.
واعلم أن تصفحك وجوه جلسائك، وتفقدك مجانسة قوادك، من قوة التدبير، وشهامة القلب، وذكاء الفطنة، وانتباه السنة، فتفقد ذلك عارفا بمن حضرك وغاب عنك، عالما بمواضعهم من مجلسك، ثم اغد بهم عن ذلك سائلا لهم عن أشغالهم التي منعتهم من حضور مجلسك، وعاقتهم بالتخلف عنك.
إن كان أحد من حشمك وأعوانك تثق منه بغيب ضمير، وتعرف منه لين طاعة، وتشرف منه على صحة رأي، وتأمنه على مشورتك، فإياك والإقبال عليه في كل حادث يرد عليك، والتوجه نحوه بنظرك عند طوارق ذلك، أن تريه أو أحدا من أهل مجلسك أن بك حاجة إليه موحشة، أو أن ليس بك عنه غنى في التدبير، أو أنك لا تقضي دونه رأيا إشراكا منك له في رويتك، وإدخالا منك له في مشورتك، واضطرارا منك إلى رأيه في الأمر يعروك، فإن ذلك من دخائل العيوب التي ينتشر بها سوء القالة عن نظرائك، فانفها عن نفسك، خائفا لاعتلاقها ذكرك، واحجبها عن رويتك قاطعا أطماع عن مثلها عندك، أو غلوبهم عليها منك، واعلم أن للمشورة موضع الخلوة وانفراد النظر، ولكل أمر غاية تحيط بحدوده وتجمع معالمه، فابغها محرزا لها، ورمها طالبا لنيلها، وإياك والقصور عن غايتها، أو العجز عن دركها، أو التفريط في طلبها إن شاء الله تعالى.
إياك والإغرام عن حديث ما أعجبك، أو أمر ما ازدهاك بكثرة السؤال، أو القطع
مخ ۶۱