[2_2]
وليس في قريش غير سبعة عشرة رجلا وبضع نساء يكتبون ويقرءون، وقريش سادة العرب وأنبه قبيلة فيهم، وأكثرهم حضارة وتمازجا بالشعوب المجاورة. أما سائر بلاد العرب كاليمن فلم يعرف فيها من يكتب.
شاعت الكتابة في الحيرة أكثر من غيرها من البلاد المتاخمة لجزيرة العرب، ويعلل المرزباني ذلك بأن أهل القرى ألطف نظرا من أهل البداوة، وأنهم كانوا يكتبون لمجاورتهم أهل الكتاب، فأخذت قريش الكتابة عن إياد في الحيرة؛ ولما كان أهل القرى أكثر استعدادا للحضارة ظهر الأنبياء فيهم، وما جاء رسول من أهل الوبر.
كتب عدة كتاب من أهل الحيرة في ديوان الأكاسرة، ومنهم عدي أبن زيد وزيد أبن عدي ولقيط بن يعمر الإيادي؛ وكان أكثم بن صيفي حكيم العرب يكاتب الملوك، ولأبناء جفنة في البلقاء كتاب يكتبون عنهم في خاص أمورهم وعامهم، وكان المرقش كاتب الحرث بن شمر الغساني، وبذلك تبين أن الإياديين سبقوا إلى الكتابة، وما جاء أكيد عن الغسانيين الذين جاوروا الروم في جنوب الشام وتصرفوا لهم.
ما علا شأن قريش في الكتابة إلا في الإسلام، ولا يعلم إذا كانت تراسل الملوك، إذ لم يكن لها نظام دولة ثابت، وكانوا إذا رأوا كتبا كتبها أهل الكتاب استعظموها؛ وعثروا في الإسلام على رسالة بخط عبد المطلب بن هاشم في قطعة أدم وذلك في إثبات حقله على رجل من العرب.
وإذ كانت الخطب والرسائل في ذلك العهد قاصرة الأغراض، وصادر عن أناس على الفطرة، ليس لهم من المدينة مادة تدعوهم إلى الفلسفة والتوسع في الفكر، تجردت كتابهم من كل صنعة وفن، ويقول الجاحظ: إنه لم يجد في خطب السلف الطيب، والأعراب الأقحاح ألفاظا مسخوطة، ولا معاني مدخولة، ولا طبعا رديئا،
مخ ۲