[24_2]
في العهد الذي اشتدت فيه حاجة العرب إلى تعرف لغات الأمم المجاورة لها في الغرب والشرق، وتنافس الناس في تصانيف الترجمانات في اللغة الأعجمية وتفاهموا في غير اللغة العربية كما قال صاحب اللسان؛ وكان فن الكتابة بمصر في زمن الدولة الفاطمية مثلا غضا طريا؛ وديوان المكاتبات لا يخلو من رأس يرأس مكانا وبيانا، ويقيم لسلطانه بقلمه سلطانا؛ وجاء فيهم مثل ابن الخلال صاحب ديوان الإنشاء على عهد الحافظ العبيدي، وكانت له قوة على الترسل يكتب كما يشاء. يقول ابن خلدون إن رافع راية البلاغة في الأندلس ابن حيان المؤرخ وابن عبد ربه والقسطلي. ولا شك أنه تقدمهم وتأخر عنهم كثير من العظماء في البلاغة، ومنهم ابن بسام والبلوطي والحصري والشاطي وابن سيدة وابن حناط الكفيف وابن خاتمة وعشرات أمثالهم من المؤلفين الكاتبين. ولم يكن البيان في الأندلس مقصورا على الرجال بل شارك فيه النساء نظما ونثرا، كما وقع لمعظم بلاد الإسلام أيام عزها، فأبدعن وأدهشن، وكن من المبرزات في رواية السنة منذ قام الرسول يهدي إلى دينه.
وعفى القلقشندي وابن عربشاه والخفاجي وأضرابهم على محاسنهم، بما أخذوا أنفسهم به في القرن التاسع والعاشر من مذاهب السجع والجناس والتشبيه. وتناسى الكتاب الكلام المرسل منذ القرن العاشر إلى أواسط القرن الثالث عشر فقل المجودون من المترسلين والمؤلفين، وندر الإبداع، وتراجع العلم والأدب، وما فتئ ارباب الأقلام يسترون نقص كلامهم بأسجاعهم وتطويلاتهم؛ ولا نذكر لمؤلف إبداعها في هذه العصور، وأكثرهم أدنى إلى أن يعدوا نقله ومحتذين منهم إلى أن يحسبوا كاتبين ومؤلفين، ودثر كثير مما كتبوا لاستغناء الناس عنه، ولأنه غير صالح للبقاء؛ وما بقي مما روعي فيه الطبع من التآليف والرسائل، فهو أندر من الكبريت الأحمر، وفيما طبع من كتب المتأخرين من اليمانيين والعراقيين والشاميين
مخ ۲۴