212

[211_2]

وكان هذا الخطاب في أول الأمر، ثم أنحى عليه بالهجاء، وكان محمد ابن عبد الملك، على علمه وأدبه، وكونه واحدا في صناعته، مفردا في براعته، لا يخلو من لؤم أحيانا.

ولما وقف الخليفة على تحامل ابن الزيات رفع يده عن إبراهيم، وأمره أن يقبل منه ما رفعه، ويرده إلى الحضرة مصونا، ثم ولاه ديوان زمام النفقات، وتولى أيضا الضياع، فبسط إبراهيم لسانه في ابن الزيات، وهجاء كثيرا منه:

قدرت فلم تضرر عدوا بقدرة ... وسمت بها إخوانك الذل والرغما

وكنت مليا بالتي قد يعافها ... من الناس من يأبى الدنية والذما

وقال فيه أيضا:

أبا جعفر خف خفضة بعد رفعة ... وقصر قليلا عن مدى غلوائكا

فإن كنت قد أوتيت عزا ورفعة ... فإن رجائي في غد كرجائكما

وقال فيه أيضا:

دعوتك في بلوى ألمت صروفها ... فأوقدت من ضغن علي سعيرها

وإني إذا أدعوك عند ملمة ... كداعية بين القبور نصيرها

ومما قال فيه:

أخ كنت آوى منه عند ادكاره ... إلى ظل آباء من العز باذخ

سعت نوب الأيام بيني وبينه ... فأقلعن منا عن ظلوم وصارخ

وإني وإعدادي لدهري محمدا ... كملتمس إطفاء نار بنافخ

وقال فيه:

فإن تكن الدنيا أنالتك ثروة ... فأصبحت ذا يسر وقد كنت ذا عسر

فقد كشفت الإثراء منك خلائقا ... من اللؤم كانت تحت ثوب من الفقر

وتغير الزمان ورأى ابن الزيات تغيرا من الواثق فخافه، وفرق مالا عظيما،

مخ ۲۱۱