210

[209_2]

وقيل إن إبراهيم لما سمع كلام ابن المدبر ضاقت عليه الحجة، وخاف أن يحقق قوله إن اعترف، ثم لا يرجع منه إلى شيء فيعود عليه الغرم، فعدل عن الحجة إلى الحيلة فأنشد البيتين. وفي رواية أن الخليفة لما سمع ما سمع قال: لا يكون ذلك والله لا يكون ذلك أبدا، والتفت إلى الواشي وقال له: كيف تقبل في المال قول صاحبه. وفي رواية ثانية أن المتوكل قال لما سمع البيتين: زه زه أحسنت؛ إيتوني بمن يعمل في هذا لحنا، وهاتوا ما نأكل وجيئوا بالنساء، ودعونا من فضول إن المدبر واخلعوا على إبراهيم بن العباس، فخلع عليه وانصرف إلى منزله.

قالوا ومكث إبراهيم بن العباس يومه مغموما، فقيل له هذا يوم سرور وجذل بما جدد الله لك من الانتصار على خصمك، فقال: الحق أولى بمثلي وأشبه، إني لم أدفع حجة أحمد بحجة، ولا كذب في شيء مما ذكر، ولا أنا ممن يعشره في الخراج، كما أنه لا يعشرني في البلاغة، وإنما فلحت برطازة ومخرقة، أفلا ابكي فضلا عن أن أغتم من زمان يدفع هذا كله.

وبهذه الوقعة تمثل لنا أدب الصولي، وضعفه فيما وسد إليه من عمل، اعترف بإهماله في أعماله، حتى ترك المجال لخصمه يسقطه في نظر الخليفة؛ وكأن ابن المدبر رماه وهو موقن بأن هذا الإهمال لا بد أن يكافئه عليه عماله، ويعطوه بعض ما يجنون، فتضيع حقوق الدولة، وتهمل مصالح الرعية.

ما كل مرة تسلم الجرة فقد صار الصولي إلى زمن ما استطاع أن يدفع عن نفسه بغير ما ملكت يده. كان في سنة 223 على الأهواز، وكان صديقه محمد بن عبد الملك الزيات وزيرا، فوجه إليه من أقامه للناس، فصالحه عن نفسه بألف درهم وخمسمائة ألف درهم، وأحد الصولي بعد ما قبض عليه إلى بغداد لأخذ ماله بها، وأخذوا غلامه وكان قهرمانه، في يده أمواله يتجر بها، وأخذوا عدة من أهل بيته،

مخ ۲۰۹