[206_2]
إبراهيم بن العباس الصولي
حياته الخاصة والعامة:
في بغداد وفي عهد الرشيد السعيد، ولد إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول، في بيت عرف بالأدب والسياسة، وكان جده من رجال الدولة العباسية ودعاتها؛ وصول جد أبيه يدين بالمجوسية، أسلم في جرجان على يد يزيد بن المهلب، فأصبح له مولى، وأصل صول تركي الجنس، أقام في فارس، فنشأ أبناؤه على التشبه بأهلها.
وتخرج إبراهيم في مدينة المنصور بأخيه عبد الله بن العباس، وكان من وجوه الكتاب، وهو أسن من أخيه بنحو عشرين سنة؛ وجاء إبراهيم آدب من عبد الله، وأحسن شعرا ، وأحذق كتابة، وأعرق في البلاغة؛ وكان المطبوع فيه أكثر من المكسوب، علمه الدهر ما لم تعلمه الكتب، وأوحى إليه الزمن المؤدب ما لم يوحه لرجل عاش في بيئة ضيقة، وعيش ضنك وبيت خامل.
كان الصولي مجموعة ثقافات وعناصر، فيه الدم التركي والدم العربي، جاءه الدم العربي من أمه؛ وكان خاله العباس بن الأحنف من أشعر الشعراء في عصره، وربما كان إبراهيم يعرف التركية لغة آبائه، والفارسية لغتهم الثانية، بعد جلائهم إلى خراسان، أما ثقافته العربية، فأوسع ثقافة في لغة العلم والدين ولغة دولته العظيمة.
كان محيط الصولي متسع الرحاب وحياته كلها كذلك، دخل في خدمة الدولة كآبائه، يتولى بعض أعمال الإدارة، ويتعرف إلى رجالها ويختلط بهم، واطلع على عورات الناس ومحامدهم، وكشف سر مجتمعه وعلانيته، قلب الأخلاق والأعراق كل مقلب، وثافن العظماء، وعرف ما يرضيهم وما يغضبهم، وكتب للخلفاء وتأدب بآدابهم، كتب للمعتصم والواثق والمتوكل؛ وقلما ذهب رجل برضا الملوك
مخ ۲۰۶