[189_2]
المأمون فاستحسن خطه وقال له: لو كان في الخط حظ ما حرمه رسول الله.
وكان المأمون لعلمه بقدم أحمد في صناعته، إذا حضر أمر يحتاج فيه إلى كتاب يشهر ويذكر، أمره فكتب مثل كتاب الخميس وغيره. وحدث عن نقسه قال: أمرني المأمون أن أكتب إلى جميع العمال في أخذ الناس بالاستكثار من المصابيح في شهر رمضان وتعريفهم ما في ذلك من الفضل، فما دريت ما أكتب ولا ما أقول في ذلك. إذ لم يسبقني إليه أحد فأسلك طريقه ومذهبه فقلن في وقت نصف النهار، فأتاني آت في منامي فقال: قل فإن في ذلك أنسا للسابلة، وإضاءة للمتهجدين، ونفيا لمظان الريب، وتنزيها لبيوت الله عن وحشة الظلم.
أخذت الدنيا تنهال على أحمد في وزارته، ومن يتعلق بخدمة المأمون ولا يسعد. حتى أمس بتليده وطريفه عنوان المجد والعظمة. حدثوا عنه أن عبد الله بن طاهر لما خرج من بغداد إلى خراسان قال لابنه محمد: إن عاشرت أحدا بمدينة السلام فعليك بأحمد بن يوسف الكتاب فإن له مروءة. فما عرج محمد حين انصرف من توديع أبيه على شيء حتى هجم على أحمد في داره فأطال عنده، ففطن له أحمد فقال: يا جارية غدينا. فأحضرت طبقا وأرغفة نقية وقدمت ألوانا يسيرة وحلاوة. وأعقب ذلك بأنواع من الأشربة في زجاج فاخر وآلة حسنة، وقال: ليتناول الأمير أيها شاء ثم قال له: إن رأى الأمير أن يشرف عبده ويجيئه في غد أنعم بذلك.
قالوا فنهض محمد وهو متعجب من وصف أبيه له، وأراد فضيحته فلم يترك قائدا نبيلا، ولا رجلا مذكورا من أصحابه إلا عرفهم أنه في دعوة أحمد بن يوسف، وأمرهم بالغدو معه. فلما اصبحوا قصدوا دار أحمد ين يوسف وقد أخذ أهبته، وأظهر مروءته، فرأى محمد من النضائد والفرش والستور والغلمان والوصائف ما أدهشه، فلما رفعت الموائد؛ وكانت كما ادعي الراوي ثلاثمائة مائدة، وقد حف بثلاثمائة وصيفة، ونقل إلى كل مائدة ثلاثمائة لون في صحاف الذهب والفضة.
مخ ۱۸۹