178

[177_2]

الغاية في مكروهها، وتعرضت لما لا قوام لك به في مخالفة أمير المؤمنين، وادعيت بما لا يثبت لك به حجة على مخالفتك، ولا لأحد غيرك، وليس وراءك بعد الحجة عليك إلا السيف، فانظر لنفسك وبادر أمرك، قبل أن تقع المناظرة وتظهر عليك الحجة، فلا تنفعك الندامة، ولا يقبل منك معذرة، ولا تقال لك عثرة، فقد رحمتك وأشفقت عليك مما هو نازل بك، وأنا أستقبل لك أمير المؤمنين، وأسأله الصفح على جرمك، وعظيم ما كان منك، إذا أظهرت الرجوع عنه الندم على ما كان، وآخذ لك الآمان منه والجائزة، فإن كانت لك ظلامة أزلتها عنك، وإن كانت لك حاجة قضيتها، فإنما جلست رحمه لك مما هو نازل بك بعد ساعة إن أقيمت على ما أنت عليه، ورجوت أن يخلصك الله تعالى على يدي من عظيم ما أوقعت نفسك فيه.

دخل الحسن بن سهل على المأمون فقال له: كيف علمك بالمروءة قال: ما أعلم ما يريد أمير المؤمنين فأجيبه. قال: عليك بعمرو بن مسعدة قال: فوافيت عمرا وفي داره صناع وهو جالس على آجرة ينظر إليهم فقلت: إن أمير المؤمنين يأمرك أن تعلمني المروءة. فدعا بآجرة فأجلسني عليها وتحدثنا مليا، وقد امتلأت غيظا من تقصيره بي ثم قال: يا غلام عندك شيء يؤكل؟ قال: فقدم طبعا لطيفا عليه رغيفان وثلاث سكرجات في إحداهن خل وفي الأخرى مري وفي الأخرى ملح فأكلنا، وجاء الفراش فوضأنا ثم قال: إذا شئت، فنهضت محفظا ولم أودعه، فقال لي: إن رأيت أن تعود إلي في يوم مثله. فلم أذكر للمأمون شيئا مما جرى. فلما كان في اليوم الذي وعدني لقياه، وسرت إليه فاستؤذن لي عليه فتلقاني على باب الدار فعانقني، وقبل بين عيني، وقدمني أمامه، ومشى خلفي، حتى أقعدني في الدست، وجلس بين يدي، وقد فرشت الدار، وزينت بأنواع الزينة، وأقبل يحدثني ويتنادر معي إلى أن حضر وقت الطعام، فأمر فقدمت أطباق الفاكهة، فأصبنا

مخ ۱۷۷