[156_2]
بدعنس، وأمر بذلك النعمان. وقال عمر: من أكل بيضة فقد أكل دجاجة. وقال رجل لبعض السادة: أهدي إليك الدجاجة. قال: إن كان لا بد فاجعلها بياضة. وعد أبو الدرداء العراق جزر البهيمة.
صفحة جميلة من تدبير المعاش والاقتصاد، أراد بها تعليم المنتقصين له درسا نافعا في الترتيب والنظام ، وألقى عليهم مثلا حسنا لا يسع حتى المسرف أن ينقضه، وقد شفع كلامه بأمثلة ليس في مقدور أحد إنكارها، ولا تبلغ به الحال مهما بلغ من السرف والترف، أن يقول إن من ذكرهم ليسوا قدوة صالحة. وبعد ذلك التفت التفاتة أخرى، وبين لخصومه فضيلة الإمساك في المال والحرص عليه، لما يجلب الاستهتار من العوز فقال:
وعبتموني في حين قلت: لا يغترن أحد بطول عمره، وتقوس ظهره، ورقة عظمه، ووهن قوته، أن يرى أكرومته، ولا يحرجه ذلك إلى إخراج ماله من يديه، وتحويله إلى ملك غيره، وإلى تحكيم السرف فيه، وتسليط الشهوات عليه، فلعله أن يكون معمرا وهو لا يدري، وممدودا له في السن وهو لا يشعر، ولعله أن يرزق الولد على اليأس، ويحدث عليه بعض مخبآت الدهور مما لا يخطر على البال، ولا تدركه العقول، فيسترده ممن لا يرده، ويظهر الشكوى إلى من لا يرحمه، أضعف ما كان عن الطلب، وأقبح ما يكون به الكسب. فعبتموني بذلك وقد قال عمرو بن العاص: اعمل لدنياك عمل من يعيش أبدا، واعمل لآخرتك عمل من يموت غدا.
وعبتموني حين زعمت أن التبذير إلى مال القمار ومال الميراث، وإلى مال الالتقاط وحباء الملوك أسرع، وأن الحفظ إلى المال المكتسب، والغنى المجتلب والى ما يعرض فيه لذهاب الدين، واهتضام العرض، ونصب البدن، واهتمام القلب أسرع، وأن من لم يحسب ذهاب نفقته لم يحسب دخله، ومن لم يحسب الدخل فقد أضاع الأصل، وأن من لم يعرف للغنى قدره، فقد أذن بالفقر، وطاب نفسا بالذل.
مخ ۱۵۶