146

[145_2]

كان له منصبان: الإشراف على خزانة المأمون أي خزانة كتبه الخاصة، والنظر على دار الكتب التي سميت دار الحكمة أو بيت الحكمة. وكلا العلمين عظيم في بابه ولكنهما من نمط واحد. وفي ذلك ما يشعر بأن المأمون لم يكن يصبر عليه في قصره، ولا يقنعه منه انصرافه إلى المصالح العامة فقط.

نثره وشعره:

إن النزر القليل الذي وصل إلينا من كلام سهل بن هارون لا يكفي في الحكم عليه. ومن كلام له في كتابه ثعلة وعفرة: اجعلوا أداء ما يجب عليكم من الحقوق مقدما، قبل الذي تجودون به من تفضلكم، فان تقديم النافلة مع الإبطاء في أداء الفريضة، شاهد على وهن العقيدة، وتقصير الروية، ومضر بالتدبير، ومخل بالاختيار، وليس في نفع تحمد به عوضا عن فساد المروءة، ولزوم النقيصة قال الحصري: وكتابه هذا مملوء حكما وعلما، وهذا مأخوذ من قوله في يحيى بن جعفر:

عدو تلاد المال فيما ينوبه ... منوع إذا ما منعه كان أحزاما

مذلل نفس قد أبت غير أن ترى ... مكاره ما تأتي من العيش مغنما

وكتب إلى صديق له أبل من ضعف: بلغني خبر الفترة في إلمامها وانحسارها، والشكاة في حلولها وارتحالها؛ فكاد يشغل القلق بأوله عن السكون لآخره، وتذهل الحيرة في ابتدائه عن المسرة في انتهائه؛ وكان تغيري في الحالتين بقدرهما ارتياعا للأولى وارتياحا للأخرى.

وقال لجارية له رومية أعجمية: إن أقل ما ينطوي عليه ضميري من رسيس حبك، لأجل من كل جليل، وأكثر من كل كثير.

ومن كلامه يعزي: التهنئة بآجل الثواب، أولى من التعزية على عاجل المصيبة. وقال في المعنى: مصيبة في غيرك لك ثوابها، خير من مصيبة فيك لغيرك

مخ ۱۴۵