[99_2]
المقفع، فأعطاها مائة ألف درهم، أي عشرة آلاف دينار، فقال معن: لله در الفارسي فقد برز علينا. وروى أيضا أنه اجتمع عند ابن رامين، معن بن زائدة وروح بن حاتم وابن المقفع؛ فلما تغنت الزرقاء وسعدة بعث معن إليها بدرة فصبت بين يديها، وبعث روح فجيء ببدرة فصبها بين يديها، ولم يكن عند ابن المقفع دراهم، فبعث فجاء بصك ضيعته وقال: هذه عهدة ضيعتي خذيها، فأما الدراهم فما عندي منها شيء.
وإذا صحت هاتان القصتان دلتا، مع ما فيهما من إسراف ومبالغة في مقدار الجائزتين، على عظم نفس ابن المقفع، وطيب عنصره في المكرمات والمروءات، فإنه أبى أن يكون دون معن بكرمه، وحاول أن يربي عليه أن كان له مال. ولما دعته الدواعي في المرة الثانية أن يجاري رفاقه أيضا؛ وقد صفرت كفة من الدراهم، كافأ المغنية بقرية له نزل لها عنها، ولك أن تقول، إذا صدقنا هذا، فإن ابن المقفع يستفزه الطرب، حتى ليكاد يخرج عن قانون الحكمة، وللنفس وثبات، وللطبع نزوات.
كان ابن المقفع ينفر من الحسد نفرته من الحرص فيقول: الحرص والحسد بكر الذنوب، وأصل المهالك؛ أما الحسد فأهلك إبليس، وأما الحرص فأخرج آدم من الجنة. وقال: لا يطمعن ذو الكبر في حسن الثناء، ولا الخب في كثرة الصديق، ولا السيئ الأدب في الشرف، ولا الشحيح في المحمدة، ولا الحريص في الإخوان، ولا الملك المعجب بثبات الملك. وقال: أهل العقل والكرم يبتغون إلى كل معروف وصلة وسبيلا.
قيل لابن المقفع الصديق أحب إليك أم القريب؟ قال: القريب أيا يجب أن يكون صديقا. وقيل له بأي شيء يعرف الأخ؟ قال: أن ترى وجهه منبسطا، ولسانه بمودته ناطقا، وقلبه ببشره طافحا، ولقربه من المجلس مجيبا، وعلى مجاورته في
مخ ۹۹