136

فأجابها ميدون، الحكيم القلب، يقول: «لست أعلم، يا سيدتي، ما إذا كان قد اضطره إلى ذلك إله ما، أم أنه ذهب من تلقاء نفسه إلى بولوس، ليستطلع الأنباء عن عودة أبيه، أو عن المصير الذي لاقاه.»

بينيلوبي تلوم خادماتها

هكذا تكلم وانصرف من منزل أوديسيوس، فغمرها الحزن بلواعجه، ذلك الحزن الذي يفتك بالروح، ولم تستطع الجلوس بعد ذلك على أي من المقاعد الكثيرة بالحجرة، بل ارتمت خائرة القوى فوق عتبة حجرتها الجميلة البناء، وهي تتأوه كمدا، فراحت خادماتها ينتحبن حولها، كل من في البيت، من فتيات وعجائز، فقالت بينيلوبي وهي تبكي: «أي صديقاتي، اسمعن ما أقول؛ فقد قدر لي الأوليمبي أن أقاسي الأحزان أكثر من جميع لداتي، اللواتي ربين وولدن معي. منذ زمن بعيد فقدت زوجي النبيل، ذا قلب الأسد، المتفوق في كل ما يرفع من قيمة المرء بين الدانيين، زوجي النبيل، الذي طبقت شهرته أنحاء هيلاس، وخلال أرجوس. وها هي ذي الرياح العاتية تجرف ولدي الحبيب بعيدا عن قصرنا دون أن نعلم عنه شيئا أو عن رحيله. ما أقساكن! ألم تفكر واحدة منكن في أن توقظني من فراشي؛ حيث إنكن تعلمن حق العلم، متى رحل فوق ظهر السفينة السوداء الوسيعة؟ فلو علمت بإزماعه الرحيل، لما غادر هذا البيت مهما كان تلهفه إلى السفر، وإلا لتركني فاقدة الحياة في هذا القصر. والآن، لتسرع إحداكن فتستدعي إلي دوليوس

Dolius ، خادمي العجوز، الذي أعطانيه أبي يوم جئت إلى هنا، والذي يقوم بحراسة حديقتي الوافرة الأشجار، كي ينطلق من فوره إلى لايرتيس ويخبره بجميع هذه الأحداث؛ فربما استطاع لايرتيس أن يدبر في قلبه أمرا، ويتوسل باكيا إلى الشعب الذي ينتوي أن يقضي على جنسه، وعلى جنس أوديسيوس شبيه الإله.»

اعتراف يوروكليا بذنبها

عندئذ أجابتها المربية الجليلة يوروكليا بقولها: «سيدتي العزيزة، يحق لك أن تقتليني بالسيف، عديم الرحمة، أو تدعيني أبقى بالمنزل؛ فلن أخفي عنك شيئا. كنت أعرف كل هذا، وأعطيته كل ما أمرني به، من خبز وخمر حلوة، ولكنه أخذ علي عهودا ومواثيق شديدة، ألا أخبرك حتى يحل اليوم الثاني عشر على الأقل، أو إذا افتقدته أنت من تلقاء نفسك، أو سمعت برحيله، وذلك كيلا تشوهي بشرتك الناعمة بالبكاء. والآن، هيا استحمي والبسي رداء نظيفا، ثم اصعدي إلى غرفتك العليا مع خادماتك وصلي لأثينا، ابنة زوس، حامل الترس، لتنقذه من الموت. ولا تزعجي عجوزا مثقلا بالهموم؛ فعلى ما أظن، ليس معشر ابن أركايسيوس

Arceisius

ممقوتا لدى الآلهة المباركة، بل سيظل هناك واحد، يقبض على زمام القصور ذات السقوف المرتفعة، والحقول الغنية النائية.»

بينيلوبي تصلي والعشاق يصخبون

ما إن قالت هذا، حتى هدأت ثائرة بينيلوبي، وكفكفت دموعها، ثم قامت فاغتسلت، وتسربلت برداء نظيف، وصعدت إلى حجرتها العليا مع خادماتها، وبعد أن وضعت بعض حبات من الشعير في سفط، راحت تصلي إلى أثينا بقولها: «يا ابنة زوس، حامل الترس، أصغي إلى صلاتي، يا من لا يتطرق التعب إلى جسمك، بحق ما أحرقه لك أوديسيوس الكثير الحيل، في ساحاته، من قطع أفخاذ عجلة أو نعجة سمينة، أتوسل إليك أن تتذكري هذه الأشياء الآن، وتهبي لنجدة ولدي العزيز، وجنبيه شر مؤامرة المغازلين.»

ناپیژندل شوی مخ