221

عرب ادبيان په عباسي عصرو کې

أدباء العرب في الأعصر العباسية

ژانرونه

19

في كتاب «الإبانة» ولم يقصر الحاتمي في رسالته الموضحة.

ومنهم من عدل وأنصف كالقاضي الجرجاني؛ فقد ألف كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه، ذكر فيه ما للشاعر وما عليه. وكذلك صنع الثعالبي في يتيمة الدهر، والبديعي في الصبح المنبي. وأشهر من نقد شعره في المتأخرين الشيخ إبراهيم اليازجي، فإنه ذيل ديوانه بنقد بليغ بذ به المتقدمين. ثم قام بعده جماعة من الأدباء في الشام ومصر، فدرسوا شعر أبي الطيب درسا تحليليا حديثا. وللمستشرقين - متقدميهم ومحدثيهم - عناية كبيرة بهذا الشاعر، ونقل أشعاره إلى لغاتهم.

ولا ريب أن اهتمام الأدباء بأبي الطيب من نحو ألف سنة إلى اليوم هو لا بد سر من أسرار عبقريته وخلوده. (2-2) ميزته

لا أشبه المتنبي إلا بنسر عتيق أشرف على القمم العالية، باسطا جناحيه زهوا وكبرا، فلاحت له طيور مدومة تريد مجاراته، فانقض عليها كاسرا يصيح بها، فأوسعها رعبا وذعرا، فأسفت جوانح للكلاكل، وراح النسر يخفق بقوادمه وخوافيه، وقد منع حجاب الشمس عن سائر الأطيار.

وأبى أن يقتنع بما أتيح له من عز وسلطان، وهيهات ذلك، وله همة تصك بمنكبها منكب السحاب، ونفس طماعة لا ترضى بما دون نجوم السماء، فحدثته أن يخرج من سمائه، ويحتل سماوات غيره، ففعل؛ فتضافرت عليه نسور غريبة، فردته، فأبي أن ينكص خائبا، فعاود الكرة، فعاوده الإخفاق. وما انفك يغامر ويخاطر حتى تخطفته هوج الرياح، فحطمت جناحيه، فهوى على الصم الخوالد، فتمزق صدره وعيناه ناظرتان إلى عل.

هذا هو المتنبي في شاعريته ونبوغه، في كبريائه وطموحه، في عزائمه ومغامراته، وفي إخفاقه ومماته. فماذا ترك ذلك من أثر في شعره؟ إنه لا بد شيء عظيم، سنتبينه في دراسة أغراضه وفنونه.

مدحه

يشتمل المدح على القسم الأعظم من ديوان أبي الطيب، وفيه تنطوي أكثر فنونه وأغراضه. والمتنبي في مدائحه يسير على طرق مشتبهة المسالك، متواطئة الأفكار، ويعود ذلك على أن الشاعر كان يصور في مدائحه ذاتيته، ومطامع نفسه ورغائبها، ونظره إلى الأشياء المحمودة بعين مكبرة، أكثر مما يصور حقيقة ممدوحه وصفاته التي يمتاز بها. فقد كان أبو الطيب لا يرى خيرا إلا بالرجل الذي يملأ الدنيا، ويترك فيها دويا، الرجل السامي الذي تتمثله مخيلته، وتتوق نفسه إلى بلوغ مرتبته؛ فجعل ممدوحيه صورا لهذا الرجل الخيالي، متشابهة الألوان والأوصاف والأشكال. وكان يرى الرسل والأنبياء رجالا غير عاديين، فطمعت نفسه في منافستهم، والتفوق عليهم، فجعل ممدوحيه في منازلهم، أو أعلى من منازلهم. وكان شاعرنا شجاعا، بعيد الهم، شديد العزائم، فأحب الشجاعة في ممدوحيه، وبالغ في تعظيمها، وأبدع في نعت الأبطال، وذكر حروبهم، ووصف انتصاراتهم، فجاءت مدائحه في سيف الدولة، وفاتك،

20

ناپیژندل شوی مخ