216

عرب ادبيان په عباسي عصرو کې

أدباء العرب في الأعصر العباسية

ژانرونه

ولم يسلم في مصر من أعداء يكيدونه، فإن ابن حنزابة - وزير كافور - كان يبغضه؛ لأنه أبى أن يمدحه، فأخذ يشنع عليه، ويشير على كافور بأن لا يجيب طلبه، وإذا سمع مدحه في سيده قال: «هذا هزء بكافور.»

فلما طال الأمر بأبي الطيب، وبان له أن وعود كافور عرقوبية، تولاه اليأس، ومل الإقامة في مصر. ثم أصابته الحمى، فساءت صحته، فعزم على الرحيل.

وكان كافور يعلم أن أبا الطيب واجد عليه لتخييبه رجاءه، فخشي أن يهجوه إذا خرج من مصر وابتعد عن حكمه، فمنعه من الرحيل، وألزمه أن يبقى في بطانته، فعلم أبو الطيب أنه سجين لا يستطيع البراح إلا خفية، فأعد كل ما يحتاج إليه، وأعانه بعض أصحابه، فدفن الرماح في الرمال، وحمل الماء على الإبل لعشر ليال، وتزود لعشرين. وكان يفعل ذلك سرا وهو يظهر الرغبة في المقام، ويركب في خدمة العبد خوفا منه. فلما كانت ليلة الأضحى في أواخر سنة 350ه/961م خرج من مصر مستخفيا، ونظم في هجو كافور داليته الشهيرة: «عيد بأية حال عدت يا عيد!» فأرسل كافور بعض رجاله بطلبه فلم يدركوه.

في العراق وفارس

برح المتنبي مصر ساخطا على كافور يهجوه ويوجع عرضه، فقدم الكوفة سنة 351ه/962م وأقام بها. وبلغ سيف الدولة قدومه، فأنفذ إليه ابنه من حلب سنة 352ه/963م ومعه هدية سنية، فمدحه أبو الطيب بقصيدة، وأرسلها إليه. ثم ماتت أخت سيف الدولة، فعمل المتنبي قصيدة يعزيه فيها، وبعث بها إلى حلب. ثم أنفذ إليه سيف الدولة كتابا بخط يده يسأله المسير إليه، فأجابه أبو الطيب بقصيدة أولها:

فهمت الكتاب أبر الكتب

فسمعا لأمر أمير العرب

ولكنه لم يصر إليه، بل لبث بالكوفة نحو ثلاث سنوات، قصد في خلالها إلى بغداد والخليفة فيها المطيع لله، والسلطان بيد معز الدولة بن بويه، ووزيره المهلبي، فرغب المهلبي إلى أبي الطيب في أن يمدحه، فالتحف برداء الكبر، على لغة الحاتمي، وأعرض عن مدحه؛ فحنق الوزير وأغرى به الشعراء فانبروا يشتمونه ويتنقصون قدره. وكان أشدهم تطاولا عليه ابن سكرة وابن حجاج. وكان المعز قد ساءه أن يصدر شاعر عن حضرة عدوه سيف الدولة ويرد حضرته في دار الخلافة، فلا يلقى أحدا يساويه في صناعته. فما كان من الحاتمي إلا أن تعرض لمناظرة أبي الطيب فجاءه في داره، فازدراه المتنبي ولم يوقره، فحنق واندفع ينتقده ويظهر عيوبه. ويحدثنا الحاتمي في رسالته الموضحة أن أبا الطيب اعتذر له مستخذيا، وعجز عن مناظرته. ولكن لا نستطيع أن نثبت حقيقة هذه المناظرة؛ لأن القصة يرويها أحد الخصمين. ومن الصعب أن يقنعنا الحاتمي بأن المتنبي لانت قناته في مناظرته له، وقد عرف باستبحاره في اللغة، واعتداده بنفسه، وصلابته في الدفاع عن شعره.

ولم تطب الإقامة للمتنبي في دار السلام، فلم يطل بها مكوثه، بل رجع إلى الكوفة وأقام بها زمنا ثم رحل إلى أرجان وفيها ابن العميد وزير ركن الدولة بن بويه صاحب أصفهان. وكان قد راسل المتنبي إلى العراق فصار إليه في شهر صفر سنة 354ه/شباط 965م، ومدحه وأقام عنده برهة. ثم جاءه كتاب من عضد الدولة بن بويه صاحب فارس يستزيره، فودع ابن العميد، وشخص إلى شيراز، فاحتفى به عضد الدولة، وأحسن وفادته، وأجزل له العطاء حتى بلغ ما وصل إليه منه أكثر من مائتي ألف درهم ما عدا الخلع والهدايا والتحف.

وعرضت لأبي الطيب حاجة في الكوفة، ويظن أنه كان يريد الرجوع إلى حلب، فاستأذن عضد الدولة بالسفر على أن يعود إليه، فأذن له وخلع عليه الخلع الخاصة، ووصله بالمال الكثير، فودعه بقصيدة كافية أنشده إياها في أول شعبان سنة 354ه/2 آب 965م، وكانت آخر شعر قاله، وقد أودعها من التشاؤم على نفسه، بما لم يقع له في غيرها مع كثرة أسفاره. وكثيرا ما تنتاب الهواجس قلب المرء، قبل نكبة مقدورة له، ولا يعلم لها سببا:

ناپیژندل شوی مخ