طریقې حکمي
الطرق الحكمية في السياسة الشرعية
خپرندوی
مكتبة دار البيان
د ایډیشن شمېره
بدون طبعة وبدون تاريخ
وَأَيْضًا فَإِنَّهَا لَمْ تَسْأَلْهُ الْحُكْمَ، وَإِنَّمَا سَأَلَتْهُ: " هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَا يَكْفِيهَا وَيَكْفِي بَنِيهَا؟ " وَهَذَا اسْتِفْتَاءٌ مَحْضٌ، فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى الْحُكْمِ سَهْوٌ.
وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، «عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْأَطْوَلِ أَنَّ أَخَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَتَرَكَ عِيَالًا، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: إنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ، فَاقْضِ عَنْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ إلَّا دِينَارَيْنِ ادَّعَتْهُمَا امْرَأَةٌ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ قَالَ: أَعْطِهَا، فَإِنَّهَا مُحِقَّةٌ وَفِي لَفْظٍ فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ» وَهَذَا أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ مِمَّا قَبْلَهُ.
وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِمِثْلِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يُسَمِّ: كَمْ تَرَكَ؟ .
وَبَعْدُ، فَهَذَا لَا يَدُلُّ أَيْضًا، فَإِنَّ الْمَنْعَ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِعِلْمِهِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ هِيَ مَعْلُومَةُ الِانْتِفَاءِ مِنْ سَيِّدِ الْحُكَّامِ ﷺ. وَاحْتُجَّ بِمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ فَاطِمَةَ ﵂ أَرْسَلَتْ إلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ، إنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ»، وَإِنِّي وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا. - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ سَهْوٌ أَيْضًا؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ عَلِمَ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى بَاطِلَةٌ لَا يُسَوَّغُ الْحُكْمُ بِمُوجِبِهَا، بَلْ دَعْوَاهَا بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ مَا عَلِمَ وَتَحَقَّقَ دَفْعُهُ بِالضَّرُورَةِ، بَلْ بِمَنْزِلَةِ مَا يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ قَطْعًا مِنْ الدَّعَاوَى، وَسَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﵂ خَفِيَ عَلَيْهَا حُكْمُ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَعَلِمَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَالصِّدِّيقُ مَعَهُ الْحُجَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمْ يَسْمَعْ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَلَمْ يَحْكُمْ بِمُوجِبِهَا، لِلْحُجَّةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي عَلِمَهَا مَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
1 / 166