115

طریقې حکمي

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

خپرندوی

مكتبة دار البيان

د ایډیشن شمېره

بدون طبعة وبدون تاريخ

قُلْتُ: إذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ، يَحْتَاجُ أَنْ تُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْأُخْرَى؟ فَتَرْجَمَةُ الْبَاب بِأَنَّ الْيَمِينَ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَذِكْرَ هَذِهِ الْمُنَاظَرَةِ، وَعَدَمَ رِوَايَةِ حَدِيثٍ أَوْ أَثَرٍ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ إلَيْهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ أَنَّهُ مَذْهَبُهُ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ فَالْحُجَّةُ فِيمَا يَرْوِيهِ لَا فِيمَا يَرَاهُ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عِنْدَ ذِكْرِهِ هَذِهِ الْحِكَايَةَ: لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ شُبْرُمَةَ مَعْنًى. فَإِنَّ الْحَاجَةَ إلَى إذْكَارِ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شَهِدَتَا، فَإِنْ لَمْ تَشْهَدَا قَامَتْ مَقَامَهُمَا يَمِينُ الطَّالِبِ بِبَيَانِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ. وَالْيَمِينِ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ - لَوْ انْفَرَدَتْ - لَحَلَّتْ مَحَلَّ الْبَيِّنَةِ فِي الْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ. فَكَذَلِكَ حَلَّتْ الْيَمِينُ هَاهُنَا مَحَلَّ الشَّاهِدِ وَمَحَلَّ الْمَرْأَتَيْنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، بِانْضِمَامِهِمَا إلَى الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَلَوْ وَجَبَ إسْقَاطُ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ، فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ - كَمَا ذَكَرَ ابْنُ شُبْرُمَةَ - لَسَقَطَ الشَّاهِدُ وَالْمَرْأَتَانِ لِقَوْلِهِ ﷺ: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» فَنَقَلَهُ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ إلَى يَمِينِ خَصْمِهِ بِلَا ذِكْرِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.
قُلْتُ: مُرَادُهُ: أَنَّ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]- الْآيَةَ لَوْ كَانَ مَانِعًا مِنْ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَمُعَارِضًا لَهُ، لَكَانَ قَوْلُهُ ﷺ: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» مَانِعًا مِنْ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَمُعَارِضًا لَهُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلَا اخْتِلَافَ وَلَا تَنَاقُضَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، بَلْ الْكُلُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢] . فَإِنْ قِيلَ: أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَدْ قَالَ عَبَّاسٌ الدَّوْرِيُّ قَالَ يَحْيَى: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» لَيْسَ مَحْفُوظًا. قِيلَ: هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: شَيْخُنَا أَبُو زَكَرِيَّا لَمْ يُطْلِقْ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى حَدِيثِ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ الْحَدِيثِ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ فَلَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مِنْ جُرْحٍ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً يُعَلَّلُ بِهَا، وَأَبُو زَكَرِيَّا أَعْلَمُ بِهَذَا الشَّأْنِ مِنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ تَهْوِينُ حَدِيثٍ يَرْوِيهِ الثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: كَانَ عِنْدَنَا

1 / 117