ومما هو باطن كالعلم الذي منه الحبر، تشاركا بحروف الاشتقاق في المعنى. ﴿فَأَنْجَيْنَاكُمْ﴾ من الإنجاء، وهو الإسراع في الرفعة عن الهلاك إلى نجوة الفوز - انتهى.
قال الْحَرَالِّي: وجعل البحر مفروقا بهم كأنهم سبب فرقه، فكأن نجاتهم هي السبب، وضرب موسى، ﵇، بالعصاة هي الأمارة والعلامة التي انفلق البحر عندها بسببهم، وجعل النجاة من بلاد فرعون تنجية لما كان على تدريج، وجعل النجاة من البحر إنجاء لما كان وحيا في سرعة وقت - انتهى.
قال الْحَرَالِّي: ﴿وَأَغْرَقْنَا﴾ من الغرق، وهو البلاغ في الشيء إلى غايته بحسبه، فإن كان في الهلاك فهو غاية، وظهر معناه في الماء والبحر لبعد قعره، وهو في الماء بمنزلة الخسف في الأرض؛ والنظر: التحديق للصورة من غير تحقق ولا بصر - انتهى.
﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾
قال الْحَرَالِّي: وقررهم على نظرهم إليهم، وفيه إشعار بفقد بصرهم لضعف بصائرهم، من حيث لم يقل: ﴿وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ ولذلك عادوا بعدها إلى أمثال ما كانوا فيه من الشك والإباء على أنبيائهم بعد ذلك - انتهى.
وقال الْحَرَالِّي: لما ذكرهم، تعالى، بأمر الوفاء بالعهد الذي هو خاتمة أمرهم، وبالتفضيل الذي كان بادية أمرهم، نظم ذلك بالأمر المتوسط بين الطرفين، الذي أعلاه مواعدة موسى، ﵇، ربه الذي النعمة عليه نعمة عليهم، فقال: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا﴾ من الوعد، وهو الترجية بالخير. ﴿وَوَاعَدْنَا﴾ من المواعدة، وهي التقديم في اللقاء والاجتماع والمفاوضة ونحوه. ﴿مُوسَى﴾ كلمة معربة من لفظ العبراني بما تفسيره - فيما يقال - ماء وشجر، سمي به لما أودع فيه من التابوت المقذوف