وأيضا ينظر إن كان فى بعض الأشياء لم يلخص كم الشى، وأى الأشياء هو، وأين هو، أو سائر الفصول الأخر — مثال ذلك قولنا: محب الكرامة هو الذى يشتهى كرامة كذا، ومقدار كذا منها. وذلك أن الناس كلهم يشتهون الكرامة. فليس يكتفى بأن يقول إن محب الكرامة هو الذى يشتهى الكرامة، لكن ينبغى أن يضيف إلى ذلك الفصول التى ذكرناها. وعلى هذا المثال قولنا: محب المال هو الذى يشتهى من المال مقدار كذا؛ والمنهمك فى اللذات هو الذى يشتهى من اللذات كذا، لأنه ليس من غلبت عليه أى لذة كانت يقال له: منهمك فى اللذات، لكن الذى يغلب عليه لذات ما. أو كما يحدون أيضا الليل بأنه مظل الأرض، أو الزلزلة بأنها حركة الأرض، أو الغمام بأنه متكاثف الهواء، أو الريح بأنها حركة الهواء — فإنه ينبغى أن يزاد فى هذه الحدود بمقدار كذا، وحال كذا، ومكان كذا، وعن كذا. وكذلك من سائر الأشياء التى تجرى هذا المجرى. لأنه إذا أغفل فصلا من هذه الفصول — أى فصل كان — لم يصف ماهية ذلك الشىء. وذلك أنه يجب أن يكون الاحتجاج دائما بحد الشىء الناقص، لأنه ليس كيفما تحركت الأرض أو أى مقدار منها كان يتحرك، تكون زلزلة. وكذلك أيضا الهواء ليس كيفما تحرك، أو أى مقدار منه كان تحرك، فهو رياح.
مخ ۶۵۲