121

تونس ثائره

تونس الثائرة

ژانرونه

في القرى الثلاث التي زرتها خربت أكثر من عشرة بيوت، إنه لا محالة لا يعد خروجا عن القانون أن تخرب عمارة أثناء عملية حربية؛ إذ ذلك من الضروريات الحربية.

وليس خروجا عن القانون أن يعاقب شخص ارتكب جريمة أو جنحة عقابا مناسبا لجريمته أو لجنحته.

ولكن مما ليس في القانون في شيء، ومما يسمى في القانون الدولي بحملات تأديبية تأباها الأخلاق ويحرمها القانون، هو بعض العمليات التي جرت بتونس.

إن تلك الحملات التأديبية لا يمكن أن تستساغ في زمن الحرب، أما في حالة السلم، فهي لا تقبل أصلا من باب أولى وأحرى كما تعلمون، وخاصة أثناء عملية ليست بعملية حرب ولكنها عملية تخريب منسق.

هذا التقرير (يعني تقرير جارباي) يدل على أن العملية كانت مدبرة حقيقة إرادية منسقة، قد صرح الجنرال جارباي أنه أمر بها، وزاد قائلا: إن حدود أوامره لم تتعد في أي وقت من الأوقات.

وقد اعتمدنا في بحثنا لحوادث الدخلة على تقارير من شهد الحوادث من التونسيين، وعلى التقرير الرسمي لرئيس الحكومة التونسية والبعثة الطبية التونسية ومندوب المنظمة العمالية «الاتحاد العام التونسي للشغل»، وقد لاحظوا جميعا أن العمليات نفذت في كل مكان وفق خطة مرسومة واحدة، كما اعتمدنا على أقوال الصحفيين الأجانب الذين زاروا الجهة نفسها وشاهدوا آثار الحوادث وبحثوا المشكلة بحثا دقيقا.

2

فقد ساد الرعب جهة الدخلة مدة ستة أيام من 28 / 1 / 1952 إلى 2 / 2 / 1952، ففي تلك الفترة قامت الجيوش الفرنسية (ومن بينها جنود المظلات المرسلون من فرنسا وجنود الفرقة الأجنبية، ورجال الدرك، ومعهم عدد وافر من المستعمرين الذين جندوا لهذه المناسبة) بضرب حصار شديد على الجهة، ومنع الدخول إليها والخروج منها بعد تطويقها بالدبابات والمصفحات والقوات المسلحة، وشرع الجند في عمليات حربية حقيقية داخل المنطقة في ظل الحصار المضروب عليها وتحت ستار من الحديد والنار، وقد علق الاتحاد العام التونسي للشغل في تقريره على ما شهده ممثلوه بالكلمات الآتية:

إن تلك القرى أصبحت اليوم على حال تكفي مشاهدتها للحكم على السياسة الفرنسية بتونس حكما لا يقبل مراجعة أو نقدا، فقد كانت تلك القرى ضحية للبطش الوحشي الذي لم يراع أحدا، بل أصاب السلطات المحلية التونسية ذاتها، وكانت الجرائم مدبرة، وكانت في شكل حملات تأديبية محكمة التنظيم نفذت بوحشية لا مثيل لها.

وقد أفضى الكولونيل الفرنسي شموكيل

ناپیژندل شوی مخ