الطهور
الطهور للقاسم بن سلام
خپرندوی
مكتبة الصحابة،جدة - الشرفية،مكتبة التابعين
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
د خپرونکي ځای
سليم الأول - الزيتون
ژانرونه
معاصر
١٨٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «إِنْ مَاتَتْ فِيهَا الشَّاةُ نَزَحُوا مِنْهَا أَرْبَعِينَ دَلْوًا فَإِنْ تَفَسَّخَتْ نَزَحُوهَا كُلَّهَا أَوْ مِئَةَ دَلْو» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَذْهَبُ الْكُوفِيُّونَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَإِنْ كَانُوا يُفَارِقُونَ مَنْ سَمَّيْنَا فِي الْعَدَدِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَإِنَّهُ طَرِيقُهُمُ الَّذِي بِهِ يُفْتُونَ مِنَ الْأُولَى الْمُسَمَّاةِ. وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِنَّ الَّذِي عِنْدَنَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ: لِأَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ فِي الْفَأْرَةِ بِنَزْحِ الْمَاءِ كُلِّهِ، وَهَؤُلَاءِ إِنَّمَا يَأْمُرُونَ بِنَزْحِ دِلًا مَعْدُودَةٍ، مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ مُرْسَلٌ لَا يُعْلَمُ أَنَّ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَا رَآهُ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَكْثَرُ فِي الْإِرْسَالِ وَأَبْعَدُ، فَإِنْ كَانَ صَحَّ عَنْهُمَا، فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى نَجَاسَةِ الْجَمِيعِ لَا عَلَى التَّبْعِيضِ فَأَمَّا تَسْمِيَةُ الدِّلَاءِ الْمَعْلُومَةِ الَّذِي يُسْتَقَى مِنْهَا كَذَا وَكَذَا دَلْوًا، وَيُتْرَكُ سَائِرُ الْمَاءِ فَإِنَّا لَمْ ⦗٢٤٦⦘ نَسْمَعْ بِهَذَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَلَا سَقِيمٍ، إِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهِ التَّابِعُونَ الَّذِينَ رَوَيْنَا عَنْهُمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَئِمَّةً فِي الْعِلْمِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِي حُجَّتِهِمْ، فَجُلُّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ مُخْتَلِفَةٌ، فَبَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ وَأَقَلُّ، وَقَالُوا: إِنَّمَا يُسْتَقَى مِنَ الْبِئْرِ بِعَدَدِ مَبْلَغِهَا فِيهِ، وَمَثَّلْتُ ذَلِكَ لَهُمْ: بِالْقَطْرَةِ مِنَ الدَّمِ يَقَعُ فِي الْمَاءِ، فَأَنْتَ تَرَى حُمْرَتَهَا تَنْفُشُ فِيهِ وَتَتَفَرَّقُ، ثُمَّ لَا تَلْبَثُ أَنْ تَنْمَحِيَ، وَيَنْقَطِعَ أَثَرُهَا لِضَعْفِهَا وَقِلَّتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ قَطْرَتَيْنِ كَانَ أَكْثَرُ لِتَفَرُّقِهِمَا وَأَقْوَى ثُمَّ كَذَلِكَ مَا زَادَ، قَالُوا: فَهَكَذَا نَجَاسَةُ الْبَوْلِ، وَالْمَاءُ الَّذِي يُمَاتُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَى كَرُؤْيَةِ الدَّمِ فَهُوَ مِثْلُهُ. يَقُولُونَ: فَإِذَا نُزِحَ بِقَدْرِ مَا يَرَوْنَ أَنَّ النَّزْحَ قَدْ أَتَى عَلَى النَّجَاسَةِ كَانَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ طَاهِرًا وَلَمْ يَكُنْ بِهِمْ حَاجَةٌ إِلَى اسْتِقَائِهِ، هَذَا فِيمَا نَرَى أَحْسَنُ حُجَّةً لِلْقَوْمِ. وَقَالَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ يُفَارِقُونَهُمْ أَوْ مَنْ قَالَهُ عَنْهُمْ: هَذَا أَمْرٌ لَا يُحَاطُ بِهِ، وَلَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ، لِأَنَّ الْمَاءَ إِذَا حُرِّكَ بِالِاسْتِقَاءِ يُدَافَعُ، وَلَحِقَ بَعْضُهُ بَعْضًا لِرِقَّتِهِ وَسُرْعَةِ امْتِزَاجِهِ، فَكَيْفَ يُعْرَفُ طَاهِرُ هَذَا مِنْ نَجَسِهِ، فَهُوَ إِمَّا أَنْ يَطْهُرَ كُلُّهُ، وَإِمَّا أَنْ يَنْجُسَ كُلُّهُ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ لَهُ مَقَالٌ وَمَذْهَبٌ، غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ لَا يَنْجُسُ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ، لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَلَا يُحَاطُ بِهِ، وَأَصْلُنَا فِيهِ السُّنَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلَ هَذَا فِي ⦗٢٤٧⦘ الْحَدِّ الْمُوَقَّتِ فِي الْقُلَّتَيْنِ، فَمَا كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ الطَّاهِرُ كُلُّهُ إِلَّا أَنْ يَصِيرَ مَغْلُوبًا، وَمَا كَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَهُوَ النَّجِسُ كُلُّهُ إِذَا خَالَطَهُ مِنَ الْأَنْجَاسِ شَيْءٌ، وَلَا نَرَى التَّبْعِيضَ فِي ذَلِكَ، وَلَا نَأْخُذُ بِهِ، فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي زَمْزَمَ فَإِنَّهُ يُنْكَرُ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ إِنَّمَا يُحَدِّثُهُ عَنْهُ قَتَادَةُ مُرْسَلًا، وَأَدْنَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاحِدٌ. وَمِنْهَا: أَنَّ عَطَاءً كَانَ يُخْبِرُ بِتِلْكَ الْفُتْيَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِأَمْرِ مَكَّةَ وَمَا فِيهَا مِنْ قَتَادَةَ. وَأَكْبَرُ مِنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ رَأْيِ ابْنِ عَبَّاسٍ التَّوَسُّعَ فِي الْمَاءِ. أَلَسْتَ تَرَى أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . ثُمَّ كَذَلِكَ كَانَتْ فُتْيَاهُ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَخْبُثُ الْمَاءُ. وَرَوَى عَنْهُ أَبُو عُمَرَ الْبَهْرَانِيُّ فِي الْحَمَّامِ يَدْخُلُهُ الْأَجَنَابُ أَنَّ ذَلِكَ لَا ⦗٢٤٨⦘ يُنَجِّسُهُ. ثُمَّ مَعَ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُنْكِرُونَ نَزْحَ زَمْزَمَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالُوا: لِلْآثَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي نَعْتِهَا، أَنَّهَا لَا تُنْزَحُ وَلَا تُذَمُّ، لِسَقْيِ الْحَجِيجِ الْأَعْظَمِ، فَكَيْفَ ⦗٢٤٩⦘ تُنْزَحُ وَهَذِهِ حَالُهَا؟ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَثَرِ يَقُولُونَ: إِنْ كَانَ لِنَزْحِهَا أَصْلٌ، فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنَّ الْمَاءَ قَدْ كَانَ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَرِيحُهُ فِي مَوْتِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ
1 / 245