وهذا التقرير خير من إيراده على علامة الحقيقة؛ لأنه قال: عكس الحقيقة، فالحقيقة ما لا يتبادر غيره، أعم من أن تتبادر هي أو لا.
الثالث: عدم اطراده في مدلولاته، بمعنى أنه يستعمل في محل لوجود معنى، ولا يستعمل في كل محل وجد ذلك المعنى [فيه]، كالنخلة للإنسان الطويل، ولا يقال لكل طويل: نخلة، ولا عكس أي لا يكون الاطراد علامة على الحقيقة، [فإن من المجاز ما يكون] مطردًا، كإطلاق اسم الكل على الجزء.
وقرر بوجه آخر: أن ما ليس بمطرد مجاز ولا عكس، أي ليس كل مجاز غير مطرد، فتكون العلاقة غير منعكسة، واحتاج إلى ذلك؛ لأن / العلاقة قد تكون منعكسة، فبين أن هذه غير منعكسة.
والأول أولى؛ لأنه لما ذكر العلامتين السابقتين قال: (عكس الحقيقة) بين هنا أنه لا يكون عكس الحقيقة.
وأورد على طرد هذه العلاقة: السخي والفاضل لغير الله تعالى، والقارورة للزجاجة؛ لأن السخي الكريم، والفاضل العالم، والقارورة لما يستقر فيه المائع، والله تعالى كريم عالم، ولا يقال له: سخي ولا فاضل.
والكوز لا يقال له: قارورة، مع وجود المعنى: فلم تطرد هذه الحقائق فلا يكون عدم الاطراد علامة المجاز.