بسم الله الرحمن الرحيم. الحمدلله رب العالمين، الوالد السيد الأمجد العلامة الأوحد شمس الدين أحمد بن محمد القطابري -حفظه الله- وأتحفه بشريف السلام[ورحمة الله] وأزكى التحية والإكرام. وبعد فإنه وصل كتابكم الكريم، وما ذكرتم من دخولكم إلى محروس صعدة، واتفاقكم بالصنو صفي الدين أحمد بن أمير المؤمنين -حفظه الله-فقد أصبتم وأحسنتم، وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم. وزكى أعمالكم وأصلح بكم وما ذكرتم من ضعف ثمرة البلاد، وأنه لولا ذلك لعولتم على الصنو صفي الدين الخروج بنفسه لإزالة ما بتلك البلاد من المنكرات وأحكام الطاغوت، فنسأل الله أن يعين على ما يرضيه، وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، ولا بسيئات أعمالنا إنه هو الغفور الرحيم، وليعلم الوالد -رعاه الله وحفظه- أن البداية في هذا الشأن بالجانب الأعلى الذين هم ورثة الأنبياء وأهل بيت المصطفى في استقامة دينهم، والتوقف على حدود ربهم، وتجنبهم أكل الحرام، وتوقفهم على شريعة جدهم سيد الأنام، هو المقدم الأهم والمقصد الأعظم، فإنه لا يستقيم الناس إلا بإستقامة سراتهم وعلمائهم، فإذا كانوا يأكلون ما حرم الله عليهم من الزكوات، ويطلبون في ما يجب لهم أحكام الطاغوت، ثم يرومون من الناس الاستقامة، وهم على هذه الحالة فقد خانوا وخدعوا، وكيف يقوم الظل والعود أعوج [وكيف يقوم الفرع والأصل منحني] .وقال تعالى{أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} فتناصحوا ولا تكتموا فإنه[13/أ] بلغنا أن السيد فلان لما ذهب عليه شيء يسير من عنبه لم يرض فيه بحكم الله، وإنما طلب فيه حكم الطاغوت حتى ذبح له رأسا بقر وأكل هو وأهل بيته نصفها، وتبع ذلك من الغرامة ما لا يحتاج إلى تعديده لعلمكم به، ومثل هذا التذكير من الله سبحانه مما ابتلى به من نقص الثمرات والخوف من أشرار القبائل، إنما هو لتذكير من يرجع إلى الله ويتوب إليه عن معاصيه الظاهرة والباطنة، ومن أعظم ما يجب إصلاحه وعدم التهاون به أنا رأينا بيان زكاة الجهة الجماعية على حقارته قد صرف عن مصارفه، ووضع في غير محله، وجعل لخاصة الخاصة من بني هاشم وهم الفاطميون منهم، كأنه ضاق عنهم واسع رزق الله الذي وسع من طلعت عليه الشمس فيما بين مشرق الأرض ومغربها إلى هذا الذي ألزم الله نبيه بتنزيه ولده ومن قرب إليه عنه، ولم يقع في ذلك تناه ولا يعقل لمراد الله لهم ولا لما أراده من وضعه في المصارف التي بينها في كتابه الكريم، فعكس المراد في ذلك حتى حرم المصارف عنها بأجمعهم وصرفت فيمن حرمها الله عليه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فإن قالوا: الحاجة والفقر ألجأنا إلى تناول ذلك، قلنا: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا} {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } فهذه بلوى قد اختبر بها عباده، وقال:{ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} .
مخ ۱۴۵