بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، كتابنا هذا إلى من بلغه من المسلمين كثرهم الله وأعزهم، وعلى من بلغه أن يبلغه إلى من لم يبلغه إن شاء الله. سلام الله عليكم وإنا نحمد الله إليكم ونصلي ونسلم على محمد وعلى آل محمد، وإني آمركم بتقوى الله في جميع أمركم، وفي سركم وعلانيتكم، فاتقوا الله وأطيعون {إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} وأرغبكم فيما رغب الله من طاعته التي ثوابها الجنة ونعيمها، وأحذركم ما حذر الله من معصيته التي جزاؤها النار وجحيمها، ثم اعلموا أن من أعظم ما أوعد الله عليه النار، وأوجب على من لم ينته عنه غضب الجبار، الربا الذي حرمه الله[11/ب] وشدد في تحريمه أعظم تشديد، وأنزل في التخويف منه أعظم الوعيد والتهديد، فقال عز وجل: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} فصور الله عز وجل في هذه الآية الكريمة عاقبة آكل الربا عند قيامه إلى الحشر بأقبح الصور التي لا يرضاها أحد لنفسه، وهي صورة الذي يتخبطه الشيطان من المس، ونقم على أهله مساواتهم بين البيع وبين الربا، فأخبر الله عز وجل أنه تبارك وتعالى أحل البيع وحرم الربا، وليس ما حرم الله تعالى وأوعد عليه النار كما أحله ووعد فيه البركة، ثم أخبر عز وجل أن من جاءه موعظة من ربه فانتهى عن الربا غفر له ما كان سبق منه مع وعيده بأن مرده وأمره إليه، وأن من عاد من أهل النار خالدا فيها مخلدا، ثم شنع عز وجل الربا بأن الله يمحقه وما محقه الله فأي خير فيه وأي بركة عنده، ثم سمى صاحب الربا الذي لا ينتهي عنه بأقبح الأسماء ووصفه بأشأم الصفات بقوله{والله لا يحب كل كفار أثيم } ثم قال عز وجل بعد هذه الآيات: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} .
مخ ۱۳۸