172

تحفة الاسماع او الابصار

تحفة الأسماع والأبصار

ژانرونه

ولما كان إلى يوم في رمضان أتى إلى الإمام -عليه السلام- وعرفه أنه يريد الدخول في ما دخل فيه الجمهور، وأنه متابع مبايع، وأن ذلك يكون بمحضر من العلماء والفقهاء والرؤساء ليشهدوا عليه، فأرسل الإمام بجميعهم فاجتمعوا في الديوان الكبير في قصر صنعاء، منهم السيد الحبر الفهامة المجاهد أحمد بن علي الشامي ، والقاضي العلامة الفاضل إبراهيم بن يحيى السحولي الحاكم في صنعاء، والقاضي العلامة صفي الدين، وبركة المسلمين أحمد بن سعد الدين، والسيد العلامة شرف الدين الحسن بن أحمد بن الجلال اليحيوي، والقاضي العلامة صارم الدين إبراهيم بن الحسن العيزري الحاكم، والقاضي العلامة شمس الإسلام أحمد بن سعيد بن صلاح الهبل . وغيرهم ممن يطول ذكر مشاهيرهم مثل: الفقيه علي الشارح الذماري المدرس في العلم الشريف، والسيد الجليل شرف الدين بن الحسين التهامي، [وكان] عالما عاملا إلى أكثر من مائة وسواهم من أعيان الناس وكبارهم وقد جلس الإمام -عليه السلام- على كرسي والسيد إبراهيم إلى جانبه، فلما حصلوا قام السيد المذكور فخطب خطبة بليغة وذكر قيامه ودعوته وأنه لا يريد بها إلا الله سبحانه وتعالى، وأنه الآن قد عرف فضل الإمام -عليه السلام- واستحقاقه المقام دونه، ثم قال له: وأنا أشهدكم بالبيعة والدخول فيها في ما دخل فيه الناس وكان من ألفاظه............ . ثم تقدم وبايع، وأظهر التوبة مما وقع بسببه وسر[55/أ] المسلمون بذلك، ثم فتح قراءة على الإمام -عليه السلام- وحضر الجمعة وتكلم القاضي العلامة صارم الدين وبركة المسلمين إبراهيم بن يحيى السحولي -قدس الله روحه في الجنة- وذكر بيعته وتسليمه في الخطبة الثانية ، فقال فيها: الحمد لله الذي حبب إلينا الإنصاف، وجنبنا طرق المتاهة والإعتساف، وجعلنا للحق تابعين، ولأئمة العترة الطاهرة -صلوات الله عليهم- مشايعين، إذ خصهم الله بالتطهير، وفرض مودتهم وجعلهم سفن النجاة، وباب حطة الذي من دخله أدرك ما رجا، لا يدرك رائحة الإيمان إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يبوء بالخسران المبين إلا من أنكرهم وأنكروه، وأرشدنا وله المنة لمعرفة حقوقهم، والإهتداء بأنوارهم وسلوك طريقهم، فنحن بلطف الله وتوفيقه أمة يهدون بالحق بعون الله متعاضدة متناصرة، وقلوبنا بهداية الله فيه مجتمعة متظافرة، لا نألوا جهدا في جمع شمل الإسلام وصيانته عن الإختلاف أمراس التعاضد والتناصر فيه والإئتلاف حفظا لحماية حوزة الإسلام، وصيانة لجنابه المنيع زاده الله حماية وصيانة عن أن يهضم أو يضام وتيمما لسعي أئمة الهدى الذين درجوا، وانتهاجا لسبيلهم القويم الذي سلكوه ونهجوه، وكان من أفضل[من سلك هذا المسلك العظيم، ومشى على هذا الصراط المستقيم السيد العلم العلامة البحر المدره الفهامة، برهان الدين علم السادة الماجدين إبراهيم بن محمد بن أمير المؤمنين، فإنه -أسعده الله في الدارين- عرف الحق فاعترف، وشرح الله صدره فما شك ولا انحرف، وعلم أن مولانا هذا إمام المسلمين المتوكل على الله رب العالمين، أحق العترة الطاهرة بهذا المنصب الشريف، وأولاهم بالنهوض بأعباء هذا التكليف، خليق باقتعاد تخت الإمامة حقيق بما أهله الله له من خلافة النبوة، المرتبة العظمى في الزعامة، قائما بواجب حقوقها لأشراطها سالكا مسلك آبائه الكرام مستقيما على صراطها، فبذل هذا السيد الكريم لهذا الإمام العظيم عهد البيعة الميمونة مختارا لإمامته، طائعا متقلدا عهد ولايته ونصيحته ونصرته، مطيعا سامعا عاقدا عزمه على نصرة هذا الإمام المتوكل على الله بالقلب واليد واللسان، وجهاد أعداء الله بين يديه عن أمره بالسيف والسنان، مطرحا لما كان يحمله من الأعباء عادا لذلك من ذخاير العقبى، وتأديته ما أوجبه الله من حق أئمة الهدى أولي القربى، وهاهو -أسعده الله- حاضر للجمعة[55/ب] والجماعة، يسمع هذا الخطاب، متقلدا هذا العهد الذي طوقه الله الرقاب، وأكد أمره في السنة والكتاب، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا، وشرح الله صدره وأصلح شأنه وزاده في درجات الفضل مكانة إنه على كل شيء قدير جدير. انتهى.

وأقام السيد المذكور في نهاية الإعظام، وغاية الإكرام في حضرة الإمام

-عليه السلام- ثم استأذن في العود إلى بلاده لافتقاد خاصته فجهزه الإمام -عليه السلام- بما يكثر تعداده وأركبه من نجايب الخيل وقد أرسل من يطلق أصحابه المحبوسين في صعدة، وفارق الإمام -عليه السلام- شاكرا مشكورا، راضيا مرضيا. ولما وصل إلى عيان وزار القاسم -عليه السلام- أخذ ذات اليمين حتى طلع طشة برط ، وكان القاضي الأعلم أحمد بن علي بن قاسم العنسي قد بايعه ودعا إليه في جهات برط بمن أطاعه، وأضافوه وكتب من هنالك رسايل إلىكل جهة أنه باق على دعوته، وإنما كان منه من التسليم تقية وخوفا:

مخ ۲۸۰