Tuhfat al-Ahwadhi bi Sharh Jami' al-Tirmidhi
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۰ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
د حدیث علوم
قُلْتُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا دَلِيلٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ مِنْ غَرْفَةٍ ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ مِنْ غَرْفَةٍ ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عنه وقال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ وَكَانَ هَدْيُهُ ﷺ الْوَصْلَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَفِي لَفْظٍ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ
فَهَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي المضمضة والاستنشاق ولم يجيء الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ البتة انتهى
فإن قلت قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ قَوْلُهُ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ واحد فيه حجة للشافعي كذا قاله بن الْمَلَكِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّتِنَا
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ كَفٍّ تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ وَالْمَعْنَى مَضْمَضَ مِنْ كَفٍّ وَقَيَّدَ الْوَاحِدَةَ اِحْتِرَازًا عَنْ التَّثْنِيَةِ انْتَهَى
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ ص ٠٩٦ ج ١ وَالْجَوَابُ عَمَّا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ بِكَفٍّ وَاحِدٍ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ بِكَفٍّ وَاحِدٍ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِكَفٍّ وَاحِدٍ بِمِيَاهٍ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ
وَيُرَدُّ هَذَا المحتمل إلى الحكم الَّذِي ذَكَرْنَا تَوْفِيقًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ الْمُرَادَ اِسْتِعْمَالُ الْكَفِّ الْوَاحِدِ بِدُونِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْكَفَّيْنِ انْتَهَى كَلَامُ الْعَيْنِيِّ
قُلْتُ قَوْلُهُ ﷺ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الجمع بين المضمضة والاستنشاق ولذلك قال بن الْمَلَكِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ أُخْرَى صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ فِي الْجَمْعِ لَا اِحْتِمَالَ فِيهَا غَيْرُهُ
فَمِنْهَا حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ
ومنها حديث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَغَرَفَ غَرْفَةً فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثم غرف غرفة فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ يَدَهُ اليمنى رواه النسائي
ومنها حديث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَتَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بهاوجهه الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يتوضأ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ غَسْلِ الْوَجْهِ
1 / 101