(مسألة: والموالاة إتصال) بالغير (قلبي وإن تفارقت الأجسام لمشاركته في دينه والمعاداة نقيضها) أي نقيض الموالاة (فيتنافيان) أي الموالاة والمعاداة (في الفعل الواحد لا في الفاعل) من حيث الفعل (لقوله تعالى: {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون}) فأمر بالتبري من العمل لا من العامل مفهوما ويعضده نهي أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من التبري من أهل الشام ذكره في النهج (وبراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عمل خالد لا منه) والقصة مشهوره يعني لم يزد على البراءة وإنقاذ علي عليه السلام ليدي المقتولين ويستحلهم (وقيل) بل (يتنافيان فيهما) في الفعل والفاعل فالولي لايصح أن يكون عدوا قط والعكس (لنا: أنه يصح اجتماع خصال الخير والشر في رجل فيكون وليا من جهة ) الأعمال (الخيرية) (عدوا من جهة) الأعمال (الشرية كالمنافق) حيث صح توليه من جهة إظهار الإسلام ومعاداته من جهة خبث اعتقاده وهذا الأمر ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه وبهذا يسقط التكلف لوجه مواصلة بعض المتقين للظالم والكافر، وأما قوله تعالى: {إنا برآء منكم}، فالمراد من فعلكم إذ لا يصح التبري إلا من الفعل وعليه يحمل كل ما شابهه، وأما وجوب الهجرة قبل الفتح فليمتاز حزب المؤمنين عن حزب الكافرين وعلى ذلك ورد حديث: من كثر سواد قوم فهو منهم. أي في الظاهر كما قال تعالى: {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن...الآية} وإلا لما وجبت الكفارة على قاتله ولا سمي مؤمنا، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم لمن سب المحدود في الخمر: لا تعينوا الشيطان على أخيكم. فأبقى له اسم الأخوة في الدين لبقاء بعض خصال الدين فيه، وقول أمير المؤمنين عليه السلام إخواننا بغوا علينا كما قلنا في صحة اجتماع اسم المسلم والكافر في الفاسق تقدم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن علي عليه السلام الدعاء لأصحابهما والانتقام لهما والتولي، وفيهما من قد ظهر نفاقه كابن أبي رأس النفاق والأشعث بن قيس وغيرهما من المنافقين والخوارج والناكثين.
(باب الإمامة
مسألة: والإمامة عقلية) عند أبي الحسين وغيره وذلك (لحفظ الإسلام وسد الثغور وفيه نظر إذ حفظ الإسلام ممكن بحفظ علم الحلال والحرام والجهاد لا يبطله عدم الإمام كما لا يبطله جور الإمام) وقد صرح بذلك أمير المؤمنين عليه السلام وعليه جرى السلف في غزو الكفار في دولة الجورة( وقيل) هي (شرعية) وذلك (للأوامر بطاعته) من كتاب وسنه (ورد) على أهل هذا القول( أن الأمر بالكيفية) وهي الطاعة (ليس أمر بالمكيف) وهي الإمامة كما ثبت في موضعه وإلا أدى إلى تكليف ما لا يطاق وذلك أن طلب الممتنع لعينه ممتنع وما كان كذلك لا يتوجه الأمر بطلبه (ولعل الصواب أن العقل يوجب قيام إمام مع عدم انتظام أمر الإسلام إلا بقيامه لوجوب دفع الضرر) عقلا (والشرع كذلك) موجب لما عند العقل ومقرر له ولا ينهظ بدونه وذلك (لأن مالا يتم الواجب) وهو حفظ الإسلام (إلا به) وهو الإمام (يجب) أي الإمامة (كوجوبه) أي حفظ الإسلام وعليه ما تقدم (ولكن هذا الدليل نظري) أي غير ضروري لأنهم قسموا النظري إلى قطعي وظني فكانت العلوم ثلاثة علم ضروري بديهي، وعلم غير بديهي ضروري وهو المعبر عنه بالقطعي إصطلاحا وظني (وفي كونه) أي هذا الدليل (قطعيا أو ظنيا تردد) وذلك أن من ذهب إلى قطعيته استدل بفزع الصحابة إلى نصب إمام، ولكن ذلك فعل لا ظاهر له فضلا عن دلالته على الوجوب مع تخلف بني هاشم عن السقيفة وغيرهم، واحتجوا ثانيا: بأن حفظ الشريعة واجب كما تقدم، وقد سبق ما عليه من المؤاخذة لكن الظاهر عدم حفظ الشريعة بدون إمام يجمع الفيء ويغزو العدو وينصف المظلوم من جهة العادة على أن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قطعي والعادة تقضي بعدم انتظام ذلك الواجب بغير إمام لإلف الناس الخلاف سابقا ولاحقا من جهة اختلاف الأهواء وثقل الحق على الطباع البشرية فهي قطعية.
مخ ۳۹