(مسألة: واختلف في الموصل إلى النار) من الذنوب (فقيل الشرك لا غير) هذا قول مقاتل ابن سليمان ومن تبعه وهو الإرجاء المذموم (وقيل) الجمهور (بل وغيره من الكباير مع الإتفاق على جواز العفو عقلا) إلا ما يحكى عن البلخي وأصحابه، فإنهم منعوا من جوازه، ورد عليهم البصرية ولكن كلامهم قوي من وجهين أحدهما: إذا أدى العفو على الإغراء فهو قبيح وما أدى إلى القبيح فهو قبيح، والثاني: لا بالنظر إلى المعصية بل بالنظر إلى النعم وكبرها على العبد، قال سبحانه: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، (وقيل شرعا) كما صرح به قول إبراهيم عليه السلام، (ومن عصاني فإنك غفور رحيم)، وقول عيسى عليه السلام: {وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}، (فاختلفوا فيه سمعا، فقيل: ثابت بشرط التوبة) وهذا قول الوعيديه من شيوخنا والمعتزله (وقيل مطلقا للموحد بشفاعة أو توبة أو غيرهما ) وهذا قول أهل السنه ومن تبعهم من الأشاعرة وغيرهم (وزاد ابن تيمية) من الحنابلة (غير الموحد بقطع دوام العذاب لا وقوعه) احتج (للأول) وهم المرجيه (بشر من قال لا إله إلا الله بالجنة ورد بأنها مطلقة) أي هذه الأخبار (مقيدة بقوله فإنه من كان آخر كلامه الخبر، وفي رواية مخلصا) والصحيح أنها غير بالغة أخبارهم بهذا المعنى حد التواتر وعندنا أنه لا يؤخذ في المسايل العلميه بالظن (مع الأخبار الواردة في ذم هذا الرأي) يعنى رأي المرجية وهي كثيرة شهيرة ولو لم يكن من الرد على مذهبهم إلا قوله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}، (للثاني) وهم الوعيدية (عمومات الوعيد ورد أن تخصيصها بالتايب أبطل قطعية عمومها فجاز تخصيصها مطلقا) أي سوى كان المخصص قطعيا أو ظنيا ووجهه أن إطلاق اللفظ العام بعد إخراج التايب لغير ما وضع له فصار حينئذ مجازا ودلالة المجاز ظنية فجاز تخصيصه بالقطعي والظني إتفاقا، (ورد أن الظاهر بقاء قطعية المخصص بقطعي كما كان) قبل التخصيص إذ لا وجه لصرف دلالته إلى الظن، وإنما صرف في العملي لكثرة التخصيص وفي هذا الرد ركة لا تخفى (لهم ردا) واستدلالا عمومات الوعد (بالشفاعة والرحمة) لا سيما والرحمة سابقة للغضب كما ورد في بعض الأخبار (وأنها) أي الشفاعة والرحمة (عفو وفضل لا خلف وكذب) كتخلف الوعد (قلنا: لو كان) أي لو صح العفو عن صاحب الكبيرة بما ذكرتم (أدى إلى التساوي) بين المؤمن والعاصي (المنفي بالقرآن) قال سبحانه: ({أفمن كان مومنا كمن كان فاسقا لا يستوون}، وقوله سبحانه: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون}، والعقل يحيل الإستواء من) قود حكمة (العدل الحكيم) قطعا ولا يخفى أن لهم أن يقولوا لا نحكم لهم بالمساواة الكلية ولا مانع من الاتفاق في البعض ولا يسمى مساواة، ولا سيما إذا كان الإيمان مجرد التصديق فلا حجة علينا من دلالة الآيه.
قلنا: نفي دخل على فعل متضمن المصدر فيفيد العموم كالنكرة في سياق النفي والتجويز في كونه يحتمل الكل أو البعض لحسن السؤال لا يدفع الظهور وغير مسلم أن السؤال حسن لإفادة اللفظ الشمول على أن الأفعال كلها نكرات وإن لم تؤول (للثالث): وهم أهل السنه (عمومات الوعد واجيب بأنها مطلقات تحمل على المقيد بالتوبة قالوا بل من الحكم على الخاص بحكم العام ولا يخصص به العام كما علم في الأصول ولو سلم فتخصيصه بمفهوم الصفة) أي صفة التايب (وعدم العمل به في العلميات متفق عليه).
مخ ۲۶