الله يقول فجزاؤه جهنم خالدا فيها إلى آخر الآية وقذف المحصنة لأن الله يقول لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم وأكل مال اليتيم لأن الله يقول إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا والفرار من الزحف لأن الله يقول ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله و ماويه جهنم وبئس المصير وأكل الربا لأن الله يقول الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس والسحر لأن الله يقول ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق والزنا لأن الله يقول ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا واليمين الغموس الفاجرة لأن الله يقول الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة والغلول لأن الله يقول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ومنع الزكاة المفروضة لأن الله يقول فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله يقول ومن يكتمها فإنه إثم قلبه وشرب الخمر لأن الله نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض الله لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله يقول أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار قال فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول هلك من قال برأيه ونازعكم في العلم والفضل انتهى الحديث والوجه في كون الاشراك بالله أكبر الكبائر واضح ومن أمعن النظر رأى أنه ما من معصية صغيرة أو كبيرة إلا وفيها منه نصيب فهو بمنزلة الحقيقة الجنسية الموجودة في الأنواع كلها إلا أن مراتبه متفاوتة جدا وبعضها أجلى من بعض والأذهان العامية متسارعة إلى مرتبة واحدة منها هي أجلى المراتب وأعلاها أعني عبادة الأصنام المعمولة من الذهب والخشب أو غيرهما والسجود لها وهو الموسوم عندهم بالشرك الجلي غير ملتفتة إلى المراتب النازلة مع أن غائلتها أعظم والبلوى بها أشد واعم ولنكتف في بيانها بايراد بعض الروايات في ذلك فعن أبي عبد الله (ع) أمر الناس بمعرفتنا والرد إلينا والتسليم لنا وإن صاموا وصلوا وشهدوا أن لا إله إلا الله وجعلوا في أنفسهم أن لا يردوا إلينا كانوا بذلك من المشركين وعنه (ع) لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه النبي إلا صنع خلاف الذي صنع أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين الحديث وعنه (ع) في قول الله عز وجل وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون قال يطيع الشيطان من حيث لا يعلم فيشرك وعنه (ع) كل رياء شرك وعنه (ع) في قوله (تع) ولا يشرك بعبادة ربه أحدا قال الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربه الحديث وسئل عنه (ع) عن أدنى ما يكون به الانسان مشركا فقال من ابتدع رأيا فأحب عليه أو أبغض عليه وفي الصحيح عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفر (ع) عن أدنى ما يكون به العبد مشركا قال فقال من قال للنواة أنها حصاة وللحصاة أنها نواة ثم دان به وفي بعض الروايات أن الاستعانة في الوضوء اشراك وقوله عز وجل إنما المشركون نجس لا يبعد عمومه لجميع هذه المراتب المتباينة لاشتراكهم في الوصف المحكوم به عليهم أعني خبث الباطن ودرن القلب ورجاسة الغيب وإن كانت شهادتهم نقية مستطابة وصدقه عليها صدق المشكك على ما تحته وقد نطقت النصوص باثبات نظير هذه المراتب للكفر أيضا وبإزاء كل واحدة منها مرتبة من مراتب التوحيد والايمان والإياس من روح الله هو افراط الخوف وتفريط الرجاء كما أن الأمن من مكر الله افراط الرجاء وتفريط الخوف وكلاهما خروج عن الاعتدال ونكوب عن الصراط المستقيم كما يأتي والسحر في الأصل صرف الشئ عن وجهه وسحر كمنع خدع وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر سواء كان من أعمال اليد أو خواص الجواهر أو الأعراض مفردة أو مركبة أو غير ذلك فيندرج فيه الشعوذة وقد يطلق على ما يباينها وربما يفسر بكل عمل يحدث بسببه ضرر على الغير من كلام أو كتابة أو رقية أو أقسام وعزايم أو نحوها ومنه عقد الرجل عن زوجته بحيث لا يقدر على وطيها والقاء البغضاء بينهما كما قال الله (تع) فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ومنه استخدام الملائكة والجن و استنزال الشياطين في كشف الغائبات وعلاج المصاب واستحضارهم وتلبيسهم ببدن صبي أو امرأة فتعلم ذلك وأشباهه وتعليمه والعمل به حرام إلا للتوقي أو دفع المتنبي وقيل بوجوب تعلمه لذلك كفاية وعن أمير المؤمنين (ع) من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر وكان آخر عهده بربه وحده أن يقتل إلا أن يتوب ويجوز حله بالقرآن والأقسام وهل يجوز بالسحر الذي حكم به العلامة في المنتهى المنع لأنه سحر وحديث عيسى بن سيفي صريح في الجواز وأما الطلسم وهو مزج القوى العالية بالقوى السافلة ليحدث منها أمر غريب في عالم الكون والفساد فما كان منها مشتملا على اضرار أو تمويه على المسلمين أو استهانة بشئ من حرمات الله كالقرآن وأبعاضه وأسماء الله الحسنى ونحو ذلك فلا ريب في تحريمه سواء عد من السحر أو لا وما عدا ذلك للأغراض المباحة كحضور الغائب وبقاء عمارة الدار والضيعة وفتح حصن الكفار على المسلمين ونحوه فمقتضى الأصل جوازه ويحكي عن بعض عظماء الأصحاب فعله وربما يستندون في بعضها إلى أمير المؤمنين (ع) وإن كان في السند كلام وأطلق في الدروس تحريم عمل الطلسمات الحاقا له بالسحر ووجهه غير ظاهر وأما تسخير رونيات الكواكب فالذي وقفت عليه من أعمالها يشتمل على مناكير كثيرة ومن جملتها أوراد وأذكار لا يجترئ المسلم على التلفظ بها وإن كانت الغاية المقصودة مباحة وما يحكى عن بعض المتأخرين من فعل ذلك فغير ثابت وبعد التسليم فلعله كان على نهج آخر وهذه أمور مباينة للمعهود من آداب الاسلام في التوصل إلى المقاصد بالدعاء والتضرع والابتهال إلى الله والاستشفاع والتوسل إليه بأرواح النبي والأئمة صلوات الله عليهم وإنما تناسب مذهب الصبوة والتنجيم والزنا هو ايقاب الحشفة بامرأة محرمة قبلا أو دبرا وهي الفاحشة وقد يقال إنه في الدبر لواط
مخ ۱۹