أحدهم ودخل عليه وهو مضطجع تخضب ، فوجأه فى جوفه مخنجره فقتله وبادر للخروج من الدار. فلما فشا موته تخلى من كان من جماعته محاصرا لتلمسان عن حصارها وقام ابنه مقاءه، فلم يلبث إلا قليلا حى خرج الأمر عنه وقام بعده آبو ثابت اين أخيه وهو ابن ابن أبى يعقوب، فرادعه صاحب تلمسان وهو محمد بن عمان فجاءه الفرج عند استحكام الشدة والنجاة حين فراغ العدة من أعوانه والعدة ، ولله در القائل فى مثل شأنه :
لا تضق بالأمور ذرعا فقد تف
رج قماؤها بغير احتيال
ربما ضاقت النفوس لأمر
وله فرجة كحل العقال
فحينئذ عزم الرسولان على المسير من أعمال مراكش وصحبهما ركب كبير من أعيان المغاربة وتجارهم وذوى ثروتهم ويسارهم لقصد الحجاز الشريف . فلما وصلوا إلى مكان يقال له المذية حصلت لهم الأذية، وخرج عليهم قوم من أعراب تلك البلاد يقال لهم بنو حصين ، فنهبوا الرحال ووضعوا أيديهم فى النساء والرجال وقاتلوهم ما استطاعوا حبى خلت الجعاب من السهام وأدركهم إظلال الظلام وتمزق الركب قتلا ونهبا وخطفا وسلبا وتركوهم فى الصحراء منبوذن بالعراء قد أشقوا من الظماء وعدم المعرفة موارد الماء. فما بلغوا تونس إلا بعد العناء وجهد البلاء وتجهزوا متها إلى الديار المصرية، و مثلوا بالأبواب السلطاتية . وفيها وصل من صاحب سيس رسول بالقطيعة المقررة عليه، فأكرم وأعيد إليه . وفيها دبت عقارب القوم إلى السلطان، فارسلوا يطلبون مته الخيل الى ركبها والمجن الى استصحبها، فأرسلها إليهم ثم أرسلوا يطلبون منه مبلغأ زعموا أنه وجده حاصلا بخزانة الكرك عند وصوله إليها. فحمل ذلك منهم وحلم فيه عنهم . ولعمرى إنهم بالغوا فى العتوق ل واضاعة الحقوق وتعدوا الحقوق الواجبة وتنكبوا الآراء الصائبة وأثاروا أسباب (الفتنة واقتدحوا زند الإحنة . فأرسل إليهم ما لاح قصدا منه فى الإصلاح ، فلم يرجعوا عن الإلحاح وعادوا يطلبون الماليك الذين عنده اظهارأ للمصارمة والمغادرة والمقاطعة والمعاندة ، وتمثل بيت من يقول:
مخ ۱۹۳