ورسوله منها، ولكن يقرؤها ألفاظا لا معاني لها، ويعلم أن لها تأويلا لا يعلمه إلا الله وأنها بمنزلة ﴿كهيعص﴾، ﴿حم عسق﴾، ﴿المص﴾، وظن أن هذه طريقة السلف، وأنهم لم يكونوا يعرفون حقائق الأسماء والصفات، ولا يعلمون حقيقة قوله تعالى: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]، وقوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]، وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، ونحو ذلك - فهذا الظان من أجهل الناس بعقيدة السلف.
وهذا الظن يتضمن استجهال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وسائر الصحابة، وأنهم كانوا يقرءون هذه الآيات، ويروون حديث النزول وأمثاله ولا يعرفون معنى ذلك، ولا ما أريد به، ولازم هذا الظن أن الرسول ﷺ كان يتكلم بذلك ولا يعرف معناه، فمن ظن أن هذه عقيدة السلف فقد أخطأ في ذلك خطأ بينا.
بل السلف ﵃ أثبتوا لله حقائق الأسماء والصفات، ونفوا عنه مماثلة المخلوقات، فكان مذهبهم مذهبا بين مذهبين وهدى
1 / 57