ثم في غرة محرم الحرام سنة ثمان وأربعين وتسعماية توجه المقر مولانا الكريم العالي محمود جلبي شيخ الحرم الشريف المذكور إلى الأبواب العالية صحبة الحج المصري لعرض أحوال أهل المدينة المنورة وما عليهم من الآذاء والشدة بسبب تأخير قمح الدشيشة وغيره، كتب الله تعالى سلامته وأنجح مقاصده آمين.
ثم بيض داخل المسجد الشريف النبوي وأسطواناته مما كان محتاجا إلى التبييض، فجيء على حاله وكتب التاريخ أيضا باسم السلطان الأعظم نصره الله تعالى في جدار المسجد الشريف من جهة الغربي في الخشب المسقوف برفوف عليه، كما جعل للملك الأشرف قايتباي في الجدار القبلي والشرقي. وكانوا في أواخر سنة سبع وأربعين وتسعماية ورد صحبة أمير الحاج المصري مراسيم شريفة من مضمونها تجديد محراب الحنفية وتقديمه ليحاذي محراب الشافعية، وتقديم القاضي الحنفي على القاضي الشافعي في جميع الأمور من الجلوس والمصالح والأنظار وغير ذلك.
وفي سابع عشر محرم الحرام سنة ثمان وأربعين وتسعماية شرع في بناية محراب الحنفية وجعله محله بين المنبر وحد المسجد النبوي محاذيا لمحراب الشافعية، وحصل من بعض الشافعية بسبب ذلك كلمات سامحهم الله في ذلك، ولا شك أن الإمامين منزهين من ذلك نسأل الله العظيم أن يوفقنا لاتباعهم في العلم والعمل بحق (1) محمد وآله وصحبه أجمعين.
...وفي ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم الثاني عشر ربيع الأول (12) تقدم إمام الحنفية وصلى في المحراب المذكور وجعل من الروضة المشرفة إلى حد المسجد النبوي درابزين من الخشب أمام محراب الحنفية، وجعل مقابل الروضة المطهرة درابزين عالية تمنع ضرر المار لكي لا يقطع الصف، ثم مد الوتر الخشب الذي يوضع عليه القناديل الصغار في الليالي الشريفة فزيد فيه من الروضة المطهرة إلى حد المسجد النبوي وكان أولا إلى حد الروضة المطهرة فقط وكان متعلقا إلى جهة المنبر الشريف.
تم ذلك بحمد الله وعونه والحمد لله.
مخ ۹۲