وروى السيد أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون الحسني في كتاب الدعامة: أن جميع فرق الأمة اجتمعت على إمامة زيد بن علي عليه السلام إلا هذه الفرقة التي تقدم ذكرها، فقال لما شهر فضله وتقدمه وظهر علمه وبراعته، وعرف كماله الذي تقدم به أهل عصره اجتمع طوائف الناس على اختلاف آرائهم على مبايعته فلم يكن الزيدي أحرص عليها من المعتزلي، ولا المعتزلي أسرع إليها من المرجي، ولا المرجي من الخارجي، فكانت بيعته عليه السلام مشتملة على فرق الأمة مع اختلافها ولم يشذ عن بيعته إلا هذه الطائفة القليلة التوفيق.
إلى قوله: وكان أفضل العترة ؛ لأنه كان مشاركا لجماعتهم بوجوه لم يشاركوه فيها، فمنها اختصاصه بعلم الكلام الذي هو أجل العلوم وطريق النجاة، والعلم الذي لا ينتفع بسائر العلوم إلا معه والتقدم فيه والاشتهار عند الخاص والعام.
هذا أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ يصفه في صنعة الكلام ويفتخر به ويشهد له بنهاية التقدم، وجعفر بن حارث في كتاب الديانة وكثير من معتزلة بغداد كمحمد بن عبدالله الإسكافي وغيره ينسبون إليه في كتبهم، ويقولون: نحن زيدية وحسبك في هذا الباب انتساب المعتزلة إليه مع أنها تنظر إلى الناس بالعين التي ينظر بها ملائكة السماء إلى أهل الأرض مثلا، فلولا ظهور علمه وبراعته وتقدمه على كل أحد في فضيلته لما انقادت له المعتزلة.
إلى قوله: ومما يدل على صحة ما رواه السيد أبو طالب من إجماع فرق الأمة على زيد بن علي لما كان من فضله قول شاعر الخوارج يرثي زيدا عليه السلام ويقرع الزيدية:
يا با حسين والأمور إلى مدي .... أولاد درزة أسلموك وطاروا
يا با حسين لو شراة عصابة .... علقتك كان لوردهم إصدار
وقال أيضا:
أولاد درزة أسلموك مبتلا .... يوم الخميس لغير ورد الصادر
مخ ۶۷