نعم، أما تشكيك الفلاسفة قطع الله دابرهم في التعلق، فالجواب الحاسم هو ما نشاهده من الحوادث اليومية بالعيان، وندركه بالوجدان، فلم تحتج في التعلق إلى الوجود في القدم، وثبت أنهم - في نظرهم - أضل من النعم، وقد تبين بالأدلة القاطعة إحداث العالمين، وإخراجهم من العدم المحض إلى الوجود المحقق اليقين، وقد اضطرتهم حتى عدلوا إلى إثبات العلل، وتأثير الإيجاب، وقد رد الله جل جلاله عليهم بقوله تعالى: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا} [الكهف:51]، ومما نقض عليهم به في استدلالهم على ثبوت الذوات بالعلم، أنا نعلم بالنفي، كنفي الشريك، والمحال، ونحو ذلك مما لا يثبت، وأجيب بأجوبة ركيكة ليس هذا محلها، وهذه الفروق والاصطلاحات مما لا يعلم في الوضع اللغوي ولا الشرعي، سواء كان الوضع توقيفا أو غيره، وكذلك خوضهم وتطرقهم بالأوهام في الأمور التي ضربت دونها حجب الغيوب، وتقحمهم في السدد التي حارت عندها الأفهام، وإن كان قد تؤول لهم بأنها عندهم أمور اعتبارية، واصطلاحات سابرية، ليست بأكثر من التعبير، لكن يقال: فما لهم والتضليل والتخطئة لبعضهم بعضا، بسبب هذه الخيالات وما بالهم والتوسط بين الفلاسفة والأئمة، وهم يزعمون أن علمهم مأخوذ من علم أهل البيت، وأنهم أخذوا قواعد العدل والتوحيد عن وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ولا شك أنهم كذلك أخذوها عنه، ولكنهم أحدثوا في ذلك ما لم يكن منه، أيظنون أنه خفي على حجج الله من أهل بيت النبوة ما أثبته الفلاسفة الحائرون من الخيالات الخارجة عن حدود العقول، التي قطعوا فيها أعمارهم، فلم يقفوا منها والله على محصول، بل أوردتهم بضعف إدراكهم موارد الإشراك، وقادتهم بحيرتهم إلى مهامه الهلاك، فسبحان من باين خلقه بصفاته ربا كما باينوه بحدوثهم خلقا، ولنعد إلى ما نحن فيه، فهذه مفاوز تخرج إلى أودية التيه.
وللإمام المهدي عليه السلام في باب المنظوم مجال رحب، ومقال عذب، من ذلك قصيدته المسماة الزهرة الزاهرة ضمنها تعداد الأنبياء صلوات الله عليهم مطلعها:
أمن نكبات الدهر قلبك آمن .... ومن روعات فيه روعك ساكن
وهي نحو مائة بيت.
مخ ۳۱۲