من مواقف صفين
ومن مواقف صفين ما ذكر من القتال الدائر بين عك وهمدان، حيث اشتد قتال القوم، وجاء أمر يشيب النواصي، ثم إن أمير المؤمنين عليه السلام التفت إليهم، فقال: (حتى متى تخلون بين هذين الحيين، وقد تفانوا وأنتم وقوف تنظرون، أما تخافون المقت من الله؟) ثم سل سيفه واقتحم يضرب في عك ولخم حتى خرق الصفوف وهو يقول:
ومبتهج بالموت ما إن يرى له .... عن الفتية الماضين بالأمس مقعدا
وتنافسوا القتال مع أمير المؤمنين، فلم يزالوا يقتتلون حتى الليل، فأجلوا يومهم ذلك عن أربعة آلاف قتيل، وتعرض عمر بن حصين السكوني لأمير المؤمنين عليه السلام وهو غافل، فلما كاد أن يناله بالرمح استعرضه سعيد بن قيس الهمداني، فقصم ظهره بالرمح، فنادى الناس: الفارس خلفك يا أمير المؤمنين فالتفت عليه السلام فإذا هو صريع، فقال سعيد بن قيس - وقد كان قتل فارسا من ذي رعين -:
لقد فجعت بفارسها رعين .... كما فجعت بفارسها السكون
أقول له ورمحي في صلاه .... وقد قرت بمصرعه العيون
أترجو أن تنال وأنت حي .... أبا حسن؟ فذا ما لا يكون
ألا أبلغ معاوية ابن حرب .... ورجم الغيب يكشفه اليقين
بأنا لا نزال لكم عدوا .... طوال الدهر ما سمع الحنين
ألم ترنا ووالينا عليا .... أبا برا ونحن له بنون
وأنا لا نريد به سواه .... وذاك الرشد والحظ الثمين
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في ذلك قصيدته الغراء المشهورة التي قلد بها قبائل اليمن وسام الفخر إلى يوم القيامة:
مخ ۳۷