مشهد من مقاماته عليه السلام في يوم الجمل
ولنذكر صفة مقام واحد من مقاماته عليه السلام، وذلك حال قدومه لحرب أهل الجمل، لما تضمن من هيئته عليه السلام، وهيئة المجاهدين معه من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم.
قال المنذر بن الجارود: لما قدم علي رضي الله عنه البصرة، دخل مما يلي الطف، فأتى الزاوية، فخرجت أنظر إليه فورد موكب في نحو ألف فارس يقدمهم فارس على فرس أشهب، عليه قلنسوة، وثياب بيض، متقلد سيفا، مع راية، وإذا تيجان القوم الأغلب عليها البياض والصفرة، مدججين في الحديد والسلاح، فقلت: من هذا؟ فقيل: أبو أيوب الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهؤلاء الأنصار وغيرهم.
ثم تلاهم فارس آخر، عليه عمامة صفراء، وثياب بيض، متقلد سيفا، متنكب قوسا، معه راية على فرس أشقر في نحو ألف فارس، فقل: من هذا؟ فقيل: خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.
ثم مر بنا فارس آخر على فرس كميت معتم بعمامة صفراء تحتها قلنسوة بيضاء، وعليه قباء أبيض مصقول، متقلد سيفا متنكب قوسا، في نحو ألف فارس من الناس، ومع راية، فقلت: من هذا؟ فقيل: أبو قتادة بن ربعي.
ثم مر بنا فارس آخر، على فرس أشهب، عليه ثياب بيض، وعمامة سوداء قد سدلها بين يديه ومن خلفه، شديد الأدمة، عليه سكينة ووقار، رافع صوته بقراءة القرآن، متقلد سيفا، متنكب قوسا، معه راية بيضاء في ألف من الناس، مختلفي التيجان، حوله مشيخة وكهول وشباب، كأن قد أوقفوا للحساب، السجود قد أثر في جباههم، فقلت: من هذا؟ فقيل: عمار بن ياسر في عدة من الصحابة من المهاجرين والأنصار وأبنائهم.
ثم مر بنا فارس على فرس أشقر، عليه ثياب بيض، وقلنسوة بيضاء، وعمامة صفراء، متنكب قوسا، متقلد سيفا تخط رجلاه في الأرض، في ألف من الناس، الغالب على تيجانهم الصفرة والبياض، معه راية صفراء، قلت: من هذا؟ قيل: قيس بن سعد بن عبادة في الأنصار وأبنائهم، وغيرهم من قحطان.
مخ ۳۵