عن رأيه بلفظ غيره فهي إن لم تكن رأيا له، فهي حتما دليل عليه. وإنما لم أعتبرها رأيا له دفعا للحجة وقطعا للمنازع، وسأعتمد في هذا وفي سواه على ألفاظه، رحمه الله تعالى.
فمن ذلك تفسيره لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ١، قال: "كما أن صدر الآية فيه رد على المشبهة فكذا تتمتها وهو قوله تعالى: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ رد على المعطلة؛ ولذا كان أعدل المذاهب مذهب السلف، فإنهم أثبتوا النصوص بالتنزيه من غير تعطيل ولا تشبيه وذلك أن المعطلين لم يفهموا من أسماء الله تعالى وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات فجمعوا بين التمثيل والتعطيل فمثلوا أولا وعطلوا آخرا، فهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته تعالى بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم فعطلوا ما يستحقه ﷾ من الأسماء والصفات اللائقة به ﷿ بخلاف سلف الأمة وأجلاء الأئمة، فإنهم يصفون الله ﷾ بما وصف به نفسه وبما وصفه به نبيه ﷺ من غير تحريف ولا تشبيه قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، فرد على المشبهة بنفي المثلية، ورد على المعطلة بقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ٢.
إثبات الرؤية:
قال -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ ٣: "أي مشاهدة إياه، ترى جمال ذاته العلية ونور وجهه الكريم كما وردت بذلك الأخبار والآثار عن رسول الله صلوات الله عليه وسلامه"٤.
وكذا في قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ ْأَرِنِي