ټوکویل: لنډه مقدمه

مصطفی محمد فؤاد d. 1450 AH
10

ټوکویل: لنډه مقدمه

توكفيل: مقدمة قصيرة جدا

ژانرونه

إن تلك النظرية يمكن للشعب تعلمها. والارتباط نوع من التعليم المجاني؛ لأنه غير معقد نسبيا، ولا يفرض توقعات غير معقولة على المواطنين الديمقراطيين، الذين هم - في النهاية - بشر؛ فالأمريكيون يتوقعون أن تكون مصلحتهم في المقدمة، ولا يعتقدون أنه مطلوب منهم ألا يهتموا بمصلحتهم الشخصية؛ فالرؤية الأمريكية (أو الأنجلو أمريكية) في هذا الصدد واضحة في المصطلح الشهير الذي صاغه توكفيل، وهو: «المصلحة الشخصية المفهومة على نحو جيد»، التي هي في المقام الأول المصلحة الشخصية التي يجب أن يضعها الفرد في اعتباره. لم يقل توكفيل إنه يتفق مع تلك الرؤية، لكنه ذكر أن الأمريكيين كانوا يؤمنون بها.

عند إشارة توكفيل لاعتبار الأمريكيين المصلحة الشخصية هي الأساس، اختلف عن معظم النقاش الدائر حاليا حول المشاركة الديمقراطية التي تسمى أحيانا ب «التوجه الجماعاني»، والتوجه الجماعاني هو المقابل للتوجه القائم على المصلحة الشخصية؛ فهو يركز على الغيرية والإيثار من أجل الصالح العام، في مقابل الأنانية والرغبة في الربح. في نظر توكفيل، تنبع الغيرية من أجل الصالح العام من المصلحة الشخصية، وهي مفيدة لها وليست متعارضة معها أو تلغيها. اليوم أيضا من المفترض أن المجتمع الوحيد هو المجتمع الديمقراطي، وهو مجتمع يقوم على المساواة بين أفراده، وذلك كما يتضح من خلال عبارة «المشاركة الديمقراطية»، لكن بالنسبة إليه، هناك أيضا المجتمع الأرستقراطي الذي يرتبط الأفراد فيه من خلال نظام طبقي. والمجتمع الديمقراطي، كما لاحظنا من خلال حكومات البلدات، يستفيد من مواهب وطموحات أفراد غير متساوين ويعطي فرصا لهم، بينما يتكون هو في حد ذاته من أفراد متساوين.

بالطبع، يعتمد الكثير على ما هو متضمن في جزء «المفهومة على نحو جيد» من مصطلح توكفيل الشهير، الذي أحيانا ما يترجم: «المفهومة على نحو صحيح»، كما لو أن الفائدة التي لا تكون في صالح الفرد على نحو مباشر يمكن اعتبارها على نحو صحيح ضمن المصلحة الذاتية للفرد، أم هل من الأفضل افتراض أن المصلحة الشخصية «المفهومة على نحو جيد» يجب أن تصاحبها أشياء يبدو أنها ليست في صالح الشخص، مثل الإحساس بالفخر والفضيلة؟

أثيرت تلك النقطة في نقاش توكفيل حول «ضرورة وجود نظم» داخل الديمقراطية، وهو موضوع تكرر كثيرا عبر كتابه؛ ففي موجزه في نهاية الكتاب، ألمح توكفيل إلى أن الديمقراطيين «لا يدركون بسهولة فائدة النظم؛ فهم لديهم نفور فطري منها.» إن النظم أو الرسميات هي المؤسسات (التي لها قواعد ومسئولون)، أو الأعراف (المراسم والطقوس والمجاملات و«ارتداء ملابس رسمية»)، أو التشريعات القانونية (مثل مراعاة القواعد القانونية) التي تجعل الفرد يحترم الآخرين، وتساعده على التعاون المشترك مع أشخاص ليسوا بأصحابه أو من عائلته. بالنسبة إلى الديمقراطيين، عادة ما تبدو تلك الأشياء مجرد أشياء فرعية أو أمور مزعجة تعطل التحقيق السريع لرغباتهم أو تحول دونه. إن تلك الأشياء تبدو مزعجة وغير منطقية في أي ديمقراطية، مثل «التصرف على نحو رسمي» كما لو أنك ترغب في أن تظهر على نحو أو آخر في هيئة مختلفة عن هيئتك؛ لكن هذا - بالنسبة إلى توكفيل - هو بالضبط ميزتها.

إن النظم تضع حواجز بين الناس، مثلما يكون الحال عندما توجد الهيئات الرسمية عدم مساواة بين الحكومة والشعب؛ فهي تضع عقبات أمام تحقيق الناس رغباتهم، عندما تتطلب الرسميات مراسم وآدابا معينة. والنظم تتطلب احترام القواعد القانونية عندما تجبر الحكومة على تمرير قانون بدلا من إصدار مرسوم أو التصرف بحسب أهوائها. إنها تحافظ على المسافات بين الناس عندما تفرض ضرورة احترام الخصوصية أو الكرامة الإنسانية. إن الشعوب الديمقراطية تكره النظم لأنها تريد أن تحقق رغباتها على نحو مباشر، مفضلة الفعل على الكرامة، والوضوح على الأدب، والنتيجة على الإتقان؛ وإجمالا، الموضوع عن الشكل. إن مثل تلك الشعوب تكون نافدة الصبر بطبيعتها، بسبب المساواة بين أفرادها التي تجعلهم غير مضطرين للتأدب مع الآخرين الأكثر أهمية منهم، ومحاولة إرضائهم. إن المصلحة الشخصية بمعناها الأساسي تناسب هذا الميل؛ حيث إنها تتطلب النظر إلى كل الأشياء من منظور صالح الفرد - كما نقول اليوم على نحو براجماتي - بدلا من منظور ملاءمتها للأصول والنظم. غير أن الشعوب الديمقراطية التي لا تحترم كثيرا النظم في واقع الأمر تحتاج إليها أكثر؛ فميزتها الرئيسية - بحسب قول توكفيل - هي أن تكون بمنزلة حاجز بين القوي والضعيف، خاصة بين الحكومة والمحكومين؛ مما يجبر الحكومة على التمهل ويمكن المحكومين من أن يكون لديهم وقت للتفكير وتأمل الأمر. إذن فالمصلحة الشخصية المفهومة على نحو جيد، كما يراها توكفيل وبخلاف الرؤية الأمريكية، هي العيش في مجتمع يكون فيه الفرد ممنوعا من التحقيق المباشر لمصلحته الشخصية، ولكنه مجبر على فعل هذا قانونيا، أو دستوريا، أو عرفا، أو من قبيل الاحترام، أو رسميا.

إذن، المصلحة الشخصية تدعم أشكال الارتباط لفائدتها، وفي نفس الوقت تقوضها إذا أصبحت غير ملائمة. إن الاستعداد لتكوينها يقابله الميل لتجاهلها أو حلها؛ لذا يؤكد توكفيل على الاضطراب والتشوش اللذين ينتجان دائما في النشاط السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر قال إنه لا يمكن إدراكه دون مشاهدته هناك. إن نشاط الارتباط يكون على نحو خاص ارتباطا من أجل فكرة جديدة أو غرض أخلاقي، وفي أمريكا عادة الحرية أقوى حتى من عشق الحرية؛ وفي النشاط المضطرب لأشكال الارتباط، يمكن اكتشاف التميز الحقيقي للديمقراطية على الاستبداد.

شكل 2-1: أسفار توكفيل وبومون في أمريكا فيما بين عامي 1831 و1832. كان توكفيل في الخامسة والعشرين من عمره فقط عندما ذهب هو وبومون في رحلتهما التي استمرت لمدة تسعة أشهر.

هناك جانب آخر للمصلحة الشخصية يحتاج أن «يفهم على نحو جيد»، وهو الأعراف الديمقراطية للأمريكيين. يعتبر توكفيل اهتمام الأمريكي بمصلحته الشخصية في النشاط الاقتصادي أمرا مسلما به، لكنه أضاف إلى هذا الخبرة العملية والعادات والآراء - أي الأعراف - التي يقوم عليها المجتمع، وأضاف أن أي قارئ لا يدرك الأهمية التي يوليها الأمريكي للأعراف قد فاته «الهدف الأساسي» الذي وضعه نصب عينيه وهو يؤلف هذا الكتاب. لقد ظهرت الأعراف في النظريات الفلسفية السياسية لاثنين من كبار مفكري القرن الثامن عشر ومعلمي توكفيل، وهما مونتسكيو وروسو، وقد لعبت دورا مهما في ظهور علم الاجتماع في القرن التاسع عشر. لو كان الفلاسفة السياسيون الكلاسيكيون تناولوا هذا الموضوع، لتحدثوا عن القانون بمفهومه الواسع، بما في ذلك القوانين المكتوبة وغير المكتوبة، لكن توكفيل قبل التفرقة الليبرالية بين هذين النوعين من القوانين؛ ففي النظرية الليبرالية لهوبز ولوك، كان الغرض من تلك التفرقة هو إعلاء شأن القوانين التي تضعها السلطة الحاكمة، والتي يوافق عليها الناس، فوق الأعراف التي قد تعيق تنفيذ القوانين التي تتخذها تلك السلطة. لكن من أجل الحرية السياسية، أراد توكفيل ألا تتم إعاقة تلك القوانين على نحو كبير عند نشرها على نطاق واسع في المجتمع الديمقراطي. وفي اختلاف آخر مع النظرية الليبرالية الكلاسيكية، رفع توكفيل من شأن الأعراف على القوانين؛ حيث إن الأعراف تدعم القوانين. صحيح أن القوانين يمكنها أحيانا تغيير الأعراف، كما فعل قانون الميراث الجديد الذي ساعد على إدخال النظام الديمقراطي إلى الأسرة الأمريكية، لكن الأعراف - التي هي «عادات القلب» إلى جانب عادات العقل أيضا - تمثل «الحالة الأخلاقية والفكرية لأي شعب.»

إذن فإن الأعراف تضم الدين أيضا. السؤال الآن: هل الدين أحد العوامل في الرؤية الأمريكية المتمثلة في «المصلحة الشخصية المفهومة على نحو جيد»؟ الإجابة هي نعم، ولكن على نحو معقد. تناول توكفيل الدين في جزأي كتابه «الديمقراطية في أمريكا»، لكن على نحو مختلف بعض الشيء في كل منهما؛ ففي الجزء الأول، أشار إلى أن الدين هو أساس الأعراف التي ساعدت على إقامة جمهورية ديمقراطية في أمريكا، وقد تناوله بسبب هذا الدور الذي يقوم به، وليس بسبب حقيقته؛ فقد قال توكفيل إن الأهم هو أن المواطنين لديهم دين معين، وليس أن كل المواطنين يدينون بالدين الحق. فمن وجهة نظره السياسية، الدين يخدم السياسة وليس العكس، كما يرى البيوريتانيون؛ فالدين يخلق «تناغما بين الأرض والسماء» بإلزام الناس باحترام قيود لا يمكن الفكاك منها؛ أي «بعض المفروضات الأساسية» التي تقيد إرادتهم، فهو يضع حدودا لسيادة البشر، ومن ثم لسيادة الشعب في أي ديمقراطية، وهو يقوم بذلك غالبا عبر النساء وليس الرجال؛ لأن الرجال الديمقراطيين نادرا ما تتقيد رغبتهم في الثراء، لكن النساء هن من يصنعن الأعراف، والدين «يحكم باعتباره سيدا على روح المرأة.»

إن الأهمية التي أعطاها توكفيل للأعراف في السياسة، أعطاها أيضا للنساء. وللمفارقة، نرى في حديثه عن النساء في الجزء الثاني من الكتاب أنه يقول إن تأثير النساء ينبع من بقائهن بعيدا عن السياسة. وينطبق الأمر نفسه على رجال الدين؛ فهو يدعم على نحو كبير الفصل بين الكنيسة والدولة؛ والسبب الأساسي في ذلك هو أن الدين يفقد تركيزه على العالم الآخر عندما يتدخل في السياسة في هذا العالم. ولكي يحافظ الدين على مكانته، يجب أن يحافظ على نقائه؛ وحينها - عندما يبتعد عن السياسة - يمكن أن يكون له التأثير الأكبر على السياسة باعتباره وسيلة لتقييد الناس. إن كلا من النساء ورجال الدين يمارس سلطته على نحو غير مباشر، وذلك من خلال الابتعاد عن ممارسة السياسة على نحو مباشر. يمثل الدين والأسرة معا جزءا تكميليا للسياسة، وهو ضروري وغير سياسي بطبيعته، والهدف منه تقييد السياسة عن طريق تذكير الناس بأن هناك حياة أسمى وأكثر حميمية من الحياة السياسية، لكن الدين والأسرة على نحو ما سياسيان؛ لأنهما ضروريان للحكم الذاتي.

ناپیژندل شوی مخ