14

تسعه تصورات عن وخت: وخت سفر تر واقعيت او تخیل پورې

تسعة تصورات عن الزمن: السفر عبر الزمن بين الحقيقة والخيال

ژانرونه

ورغم أن سقوط الكأس من فوق الطاولة وتهشمها لا يؤدي إلى فقدان أي طاقة، وإنما يعيد ترتيبها وتنظيمها فقط، وحتى إذا كنت تملك سير بكرة ذا قدرات بارعة يتصل بمولد وبطارية، فلن يكون بوسعك استخدام الطاقة التي تتولد من سقوط الكأس لتشغيل محرك لرفع الكأس مرة أخرى إلى الطاولة؛ نظرا إلى عدم وجود عملية كاملة أو مثالية لتحويل الطاقة. سيهدر بعض الطاقة في الاحتكاك ويتحول إلى حرارة، تتسرب في صورة أشعة تحت الحمراء، تماما كما يحدث للطاقة الحركية إذا ما ارتطمت الكأس بالأرض وتهشمت. ولهذا السبب من المستحيل بناء آلة دائمة الحركة.

لا نزال هنا أمام لغز، وهو أن الكأس حين تسقط وتتهشم، فإن كل تفاعل يتضمن زوجا من الذرات أو الجسيمات هو تفاعل قابل للعكس عموما. فلماذا لا تحدث عملية العكس هذه في الواقع العملي؟ يذهب أحد الاقتراحات التي طرحت في ذلك الشأن إلى أن هذا ليس مستحيلا في المطلق، وأن حدوثه مستبعد للغاية لا أكثر .

ولعل أفضل طريقة لفهم هذا الأمر هي تخيل نظام أبسط، يتمثل في صندوق مقسم إلى نصفين بواسطة حاجز، في أحد النصفين غاز وفي النصف الآخر فراغ. إذا أزلت الحاجز، فسينتشر الغاز ليملأ الصندوق بأكمله (وسيبرد بعض الشيء في أثناء ذلك). والآن اجلس وراقب الصندوق. مهما طال انتظارك، فلن يكون لك أن تتوقع أن ترى الغاز كله يتحرك عائدا إلى أحد نصفي الصندوق، تاركا فراغا في النصف الآخر. لكن كل تصادم بين جسيمين بداخل الصندوق يمكن عكسه من حيث المبدأ! فإذا استطعت بطريقة سحرية أن تعكس حركة كل جسيم، فسيعود الغاز حتما إلى حيث أتى، وستنطبق قوانين الفيزياء كالمعتاد في أثناء ذلك.

وقد أثبت عالم الفيزياء الفرنسي هنري بوانكاريه أن المشكلة تكمن في أن «الفترة الطويلة بما يكفي» هي فترة طويلة للغاية بالفعل. إن ذرات الغاز المحصور في الصندوق وجسيماته ينبغي في النهاية أن تمر بكل نظام ممكن. وفيما تتحرك تلك الجسيمات والذرات عشوائيا في الأرجاء، فإنها عاجلا أو آجلا ستتخذ أي ترتيب مسموح به، بما في ذلك أن يكون الغاز كله في أحد نصفي الصندوق. وإذا ما انتظرنا طويلا بما يكفي، فسيعود النظام إلى حيث بدأ. وبذلك سيبدو الزمن وكأنه مر بالعكس. «مثلما تبنى البيوت من الأحجار، يبنى العلم من الحقائق.»

هنري بوانكاريه

لكن لا تحبس أنفاسك في انتظار حدوث ذلك. إن الوقت اللازم لمرور جميع الجسيمات بكل نظم الترتيب الممكنة يسمى بدورة بوانكاريه الزمنية، وهو يعتمد على عدد الجسيمات في الصندوق. قد يحتوي صندوق صغير من الغاز على عدد ذرات يقدر ب 10

22 ، ومن ثم سيتطلب الأمر وقتا أطول بكثير من عمر الكون لكي تمر هذه الجسيمات بكل ترتيب ممكن. ودورات بوانكاريه الزمنية للأنظمة الحقيقية تشتمل على عدد أصفار في الأرقام أكثر من عدد النجوم في الكون المعروف. وفيما يلي الاحتمالات القائمة في مواجهة أي نمط بعينه يظهر أثناء مراقبة صندوق الغاز. يمكنك أن ترى كيف تتزايد الأرقام من خلال البدء بذرة واحدة تتحرك عشوائيا في أرجاء الصندوق. ثمة احتمالية نسبتها 50 : 50 (أي 1 إلى 2) أن تلك الذرة ستكون في أحد نصفي الصندوق في أي لحظة. وإن كان ثمة ذرتان، فهناك احتمالية بنسبة 1 إلى 4 أن كلتا الذرتين ستكون في النصف ذاته من الصندوق في الوقت عينه. وفي حالة وجود ثلاث ذرات، تكون الاحتمالات 1 إلى 8، وهكذا دواليك. وفي حالة وجود مليون ذرة، تكون الاحتمالات 1 إلى (2 مرفوعة إلى أس 1000000). ويظل عدد مليون ذرة عددا ضئيلا مقارنة بعدد الجسيمات الموجودة في صندوق حقيقي مليء بالغاز.

هذه هي «الإجابة» القياسية للغز قابلية العالم للسير بالعكس على المستوى المجهري وليس على مستوى العين المجردة، وسبب وجود سهم للزمن. إن قانون زيادة الإنتروبيا هو قانون إحصائي ونقص الإنتروبيا (جريان الزمن بالعكس حتى ولو على نطاق محدود) ليس محظورا لكنه فقط مستبعد على نحو استثنائي.

انطلق عالم الفيزياء النمساوي لودفيج بولتزمان من هذه الفكرة مقترحا أن الكون بأكمله قد يكون شطحة إحصائية. فقد أشار إلى أنه في كون لا نهائي حيث وقعت حالة الموت الحراري وأصبح كل شيء منتظما ومتعادلا، سيتصادف من حين لآخر (أيا كان ما يعنيه هذا في مثل هذا الموقف) أن كل الذرات في أحد أجزاء الكون ستتحرك بالطريقة الصحيحة تماما لخلق النجوم، أو المجرات، أو حدوث انفجار عظيم. وفي الواقع، سيسير الزمن بالعكس في ذلك الجزء من الكون، ما يخلق فقاعة من نظام منخفض الإنتروبيا. بعد ذلك تتفكك فقاعة الإنتروبيا المنخفضة فيما تعود إلى حالة أكثر ترجيحا. «الطاقة المتاحة هي أول شيء على المحك في كفاحنا من أجل البقاء وتطور العالم.»

لودفيج بولتزمان

ناپیژندل شوی مخ