تفسير التبيان ج1
وكان يفصل من الضحى بين كل سورتين بالتكبير، وهو قراءة ابن كثير.
وإن قيل: ما وجه الحكمة في تفصيل القرآن على السور؟
قيل: فيه وجوه من الجواب احدها - أن القارى، اذا خرج من فن إلى فن كان احلى في نفسه وأشهى لقراءته ومنها - ان جعل الشئ مع شكله، وما هو أولى به هو الترتيب الذي يعمل عليه ومنها - أن الانسان قد يضعف عن حفظ الجميع، فيحفظ سورة تامة ويقتصر عليها، وقد يكون ذلك سببا يدعوه إلى غيرها ومنها - ان التفصيل أبين، إذ كان الاشكال مع الاختلاط والالتباس أكثر.
ومنها - ان كلما ترقى اليه درجة درجة ومنزلة منزلة كانت القوة
عليه اشد، والوصول اليه أسهل وانما السورة منزلة يرتفع منها إلى منزلة
(1) سورة الفاتحة
اسماؤها - وسبب تسميتها بها
روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سماها أم القرآن، وفاتحة الكتاب والسبع المثاني فسميت فاتحة الكتاب لانه يفتتح بكتابتها المصاحف وبقراءتها في الصلاة، فهي فاتحة لمايتلوها من سور القرآن في الكتابة والقراءة وسميت ام القرآن لتقدمها على سائر القرآن وتسمي العرب كل جامع أمرا، او متقدم لامر اذا كانت له توابع تتبعه أما فيقولون للجلدة التي تجمع الدماغ أم الرأس، وتسمي لواء الجيش، ورايتهم التي يجتمعون تحتها أما ومن ذلك قول ذي الرمة:
واسمر قوام اذا نام صحبتي
خفيف الثياب لا تواري له إزرا
على رأسه ام لنا نقتدي بها
جماع امور لا نعاصي له امرا
يصف راية معقودة على قناة يجتمع تحتها هو وصحبه وقيل: مكة ام القرى لتقدمها امام جميعها، وجميعها ما سواها وقيل: إنما سميت بذلك، لان الارض دحيت منها فصارت لجميعها أما ومن ذلك قول حميد بن ثور الهلالي:
اذا كانت الخمسون امك لم يكن
لدائك إلا ان تموت طبيب
لان الخمسين جامعة ما دونها من العدد، فسماها ام الذي بلغها وسميت السبع لانها سبع آيات - بلاخلاف في جملتها - وسميت مثاني لانها تثنى بها في كل صلاة فرض ونفل وقيل في كل ركعة وليس اذا سميت بانها مثاني منع ذلك تسمية غيرها بالمثاني من سور المئين على ما مضى القول فيه واتفق القراء على التلفظ باعوذ بالله من الشيطان الرجيم قبل التسمية
المعنى: ومعنى ذلك استجير بالله دون غيره لان الاستعاذة هي الاستجارة تفسير التبيان ج1
مخ ۲۱