بينما يجب على الوالدين أن يدركا ما يمر به الطفل في أثناء تعلمه الحياة باستخدام لغتين أو أكثر (اللغات التي قد لا تكون لها المكانة الاجتماعية نفسها)، يجب عليهما أن يدركا أيضا التغيرات الثقافية التي يمر بها الطفل أو المراهق في حال انتقالهم من دولة أو منطقة لأخرى. فيتعرض كثير من الأطفال إلى صدمة ثقافية، تماما مثل والديهم، ويحتاجون إلى مساعدة في أثناء هذه المرحلة الانتقالية. تتذكر المؤلفة نانسي هيوستن بوضوح الليلة التي وصلت فيها، في سن السادسة، من كندا إلى منزل زوجة أبيها الجديدة في ألمانيا. قدم لها طعام ألماني تقليدي، بما في ذلك اللحوم الباردة والخبز الأسمر وأنواع مختلفة من الجبن، لكن كل هذا كان غريبا عنها، تماما مثل الأشخاص الموجودين حولها واللغة التي يتحدثون بها. كان تطأطئ رأسها طوال الوقت، ولم تلمس شيئا مما في طبقها. لكن كان هناك شخص واحد يدرك ما تمر به؛ فقد خرجت خالتها الجديدة فيلما في الظلام، وقادت السيارة لما يقرب من ثلاثين ميلا، وأحضرت لها عبوة من رقائق الذرة؛ وكتبت هيوستن عن ذلك تقول إن هذه كانت أفضل وجبة تناولتها في حياتها!
9
توجد أوقات تصبح فيها الأمور صعبة ومحبطة بسبب حدوث مشكلة في التواصل، أو تعليق قاس من بالغ أو طفل، أو الحصول على درجة سيئة في اللغة الأضعف، وما إلى ذلك؛ ولذلك من الضروري حينها أن يحصل الأطفال الثنائيو اللغة على التشجيع والمساعدة؛ فمع تقدم الأطفال في العمر، يجب أن تصبح لديهم القدرة على الحديث مع الآخرين عن معنى كون المرء ثنائي اللغة والثقافة، والتعبير عن بعض الصعوبات التي قد يتعرضون لها.
قد تتمثل الصعوبات التي يواجهها الأطفال في سن المدرسة في مشكلات في القراءة والكتابة في المدرسة. تختلف أهمية تعلم مهارات القراءة والكتابة في المناهج الدراسية بحسب الدولة والثقافة، وربما يحتاج الأطفال والمراهقون الثنائيو اللغة إلى دعم إضافي في هذين المجالين؛ على سبيل المثال: يوجد تركيز كبير في المدارس الفرنسية على تصحيح التهجئة وقواعد اللغة، ويعاقب الأطفال الثنائيو اللغة، الذين لا يزالون في مرحلة تعلم الفرنسية، عادة على الأخطاء التي يرتكبونها. في هذه الحالة يمكن أن يشرح الوالدان ومسئولو الرعاية الآخرون هذا الموقف للأطفال الثنائيي اللغة، ويساعدونهم على مواجهة هذا التحدي الجديد؛ كذلك قد يحدث الحديث مع المعلم فارقا كبيرا. بالطبع، يصبح هذا أسهل إذا كان الوالدان أنفسهما يتقنان اللغة ويعتادان على التواصل مع المدرسة، وإذا لم يكن الوضع كذلك، يمكن أن يتدخل شخص وسيط مقرب من الأسرة ليقدم المساعدة.
يجب أن يصبح تحول المرء إلى شخص ثنائي اللغة والثقافة رحلة ممتعة في اللغات والثقافات. وعندما يخوض الأطفال هذه الرحلة، من المهم أن يصحبهم فيها، إن أمكن، أفراد بالغون يهتمون لأمرهم ولديهم معرفة واسعة؛ حتى يسهلوا عليهم الانتقال من مرحلة إلى أخرى، وحتى يستطيع الأطفال الحديث معهم عما يمرون به. وعندما يحصل الأطفال على هذا النوع من الدعم، يوجد احتمال كبير أن ينجحوا في اكتساب الثنائية اللغوية والثقافية.
الفصل الثامن عشر
تأثير الثنائية اللغوية على الأطفال
أتلقى أحيانا رسائل إلكترونية أو مكالمات هاتفية من آباء شباب يريدون أن يصبح أطفالهم ثنائيي اللغة، لكنهم قلقون من احتمالية وجود آثار ضارة لهذا؛ فقد سمع كثير منهم المقولة التالية:
خرافة: توجد آثار سلبية للثنائية اللغوية على نمو الأطفال
أنا أطمئن الذين أتعامل معهم؛ لكن في الواقع، بسبب هذا الرأي الذي لا يزال موجودا في بعض الدوائر والدول، يتردد الآباء في تربية أطفالهم ليصبحوا ثنائيي اللغة، بينما يقلق آخرون على النمو اللغوي والمعرفي لأطفالهم الثنائيي اللغة. عند النظر إلى الدراسات السابقة التي رسخت هذه الخرافة، بالإضافة إلى الدراسات اللاحقة التي توصلت إلى نتائج مناقضة، سنرى أن كثيرا من الدراسات احتوى على مشكلات منهجية ومشكلات خاصة باختيار المبحوثين. ومن وجهة النظر الحالية، من الواضح عدم وجود أي أساس لخرافة وجود آثار سلبية، حتى في حالة الأطفال الثنائيي اللغة الذين توجد لديهم اضطرابات لغوية. (1) المشكلات الموجودة في الدراسات السابقة
ناپیژندل شوی مخ